للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه النسبة يعنى كون الذات تعلقت قدرته قائمة بالخالق تعالى وباعتبار هذه النسبة اشتق له اسم الخالق فيصح ما ذكرنا من الدليل الاستقرائى على وجوب قيام التعلق بما اشتق له اسم الفاعل لا بغيره؛ لأنا لا نعنى بقيامه كونه صفة حقيقية قائمة به بل ما هو أعم من ذلك فإن سائر الإضافات التى هى أمور اعتبارية لا تحقق لها فى الأعيان قائمة بمحلها وكذا يصح ما ذكرتم من الدليل على أن الخلق ليس أمرًا مغايرًا للمخلوق فإنه يدل على أن الخلق ليس أمرًا حقيقيًا موجودًا فى الأعيان مغايرًا للمخلوق وإلا لزم التسلسل أو القدم، أما إذا كان أمرًا اعتباريًا فلا يلزم شئ منهما لعدم احتياجه على تقدير حدوثه إلى تقدير آخر ونقول: التسلسل فى الاعتباريات جائز فكان حمل الخلق على هذا المعنى الذى ذكرناه واجبًا جمعًا للأدلة قيل: إنما قال ذلك، وإن كان المناسب جمعًا بين الدليلين؛ لأن أقل الجمع اثنان أو لأنه صار كالمثل السائر فيما بينهم، وبعضهم قرر الجواب الثانى بما حاصله: إن ما ذكرتم من الدليل يدل على جواز إطلاق الخالق باعتبار الخلق الذى ليس هو قائمًا به تعالى وما ذكرنا من الاستقراء يقتضى كون الخلق الذى اشتق منه الخالق قائمًا به تعالى فليجعل الخلق عبارة عن التعلق المذكور جمعًا بين الدليلين، فإن تعلق من حيث إنه بين القدرة والمخلوق ولم يكن قائمًا بذاته تعالى حقيقة فيصح دليلكم بهذا الوجه، ومن حيث إنه ليس قائمًا بما شرعه (١) بالكلية كان متعلقًا به فلا يلزم إهمال دليل أيضًا بخلاف ما لو حمل على المخلوق إذ يلزم ترك دليلنا بالكلية فتأمل وكن الحاكم الفيصل.

قوله: (من الصفة المعنوية) احتراز عن الصفة بمعنى: ما دل على ذات مبهمة باعتبار معنى هو المقصود، والمراد منها معنى قائم بالشئ وما ذكر فى المحصول من أن المعنى القائم بالشئ هل يجب أن يشتق له منه اسم موافق لذلك.

قوله: (موافقًا لنقل المحصول) ليس المراد أن الموافق يكون فى المحصول أيضًا بل المراد الموافق فى التقدير، فإن المشتقات التى ذكرها المصنف فى الأحكام هكذا هل يشترط قيام الصفة المشتق منها بما له الاشتقاق ويلزم من هذا أن اشتقاق اسم الفاعل للشئ باعتبار فعل حاصل لغيره، وهو المسألة المذكورة فى المحصول هكذا


(١) "شرعه" كذا فى الأصل وانظره. كتبه مصحح طبعة بولاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>