للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧]، وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: ٩٠] الآية، والعلل كما يستنبط من أن علة حرمة الخمر الإسكار ليجرى فى غيرها من المسكرات، وعلة حرمة الربا الطعم والجنس إلى غير ذلك من الجزئيات، فقوله: من عمومات وعلل بيان للأدلة الكلية وقوله: تفصيلية صفة للأدلة ولعمومات وعلل وهو الأظهر والمقصود واحد وفيه احتراز عن الأدلة الإجمالية مثل كون الكتاب والإجماع حجة، وقد يتوهم أن تفصيلية صفة علل وأنه عطف على أدلة وليس بمستقيم؛ لأن قوله أى كل مسألة مسألة بدليل دليل بيان لذلك وتفسير وجميع ذلك شرح لاستنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية ولا يستقيم إلا على ما ذكرنا.

قوله: (وإذ ليس فى وسع الكل أيضًا) يعنى كما ليس فى وسعهم الحفظ ليس فى وسعهم الانتهاض للاستنباط (لتوقفها) أى الأحكام يعنى استنباطها، والأحسن تذكير الضمير ليعود على الاستنباط أو الانتهاض فإن قيل لو توقف على أدوات يستغرق تحصيلها العمر لم يكن فى وسع أحد لانقضاء العمر فى تحصيل الأدوات قلنا: نعم لو لم يكن بعضهم لبعض ظهيرًا ولهذا قالوا: إن العلوم إنما تتم بتلاحق الأفكار.

قوله: (وكان يفضى) عطف على ليس فى وسع.

قوله: (فدونوا) أى جمعوا ذلك المذكور من الأحكام والمسائل المستنبطة من أدلتها التفصيلية، وسموا العلم الحاصل للمجتهدين بتلك المسائل من تلك الدلائل فقهًا.

قوله: (إلى مقدمات كلية) مثل قولنا كل ما أمر به الشارع فهو واجب وكل ما دل عليه القياس فهو ثابت، ثم يجعل مثل هذه المقدمة كبرى لصغرى سهلة الحصول لتخرج المسألة الفقهية من القوة إلى الفعل كما يقال: الحج مما أمر به الشارع وكل ما أمر به الشارع فهو واجب وشرب النبيذ مما دل القياس على حرمته، وكل ما دل القياس على حرمته فهو حرام وجميع مباحث أصول الفقه راجعة إلى أحوال الأدلة والأحكام لتتم كلية تلك المقدمة إذ الأمر قد لا يكون للوجوب والذى للوجوب قد لا يثبت موجبه لنسخ أو وجود معارض والقياس قد لا يوجب لانتفاء شرط أو وجود مانع إلى غير ذلك من التفاصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>