للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يوضع وضعًا عامًا لأمور مخصوصة، وأشار بقوله وضعًا عامًا إلى أنه لا يلاحظ إلا ذلك الأمر العام وبقوله لأمور مخصوصة إلى أن تعيين اللفظ لا يكون إلا للدلالة على الخصوصيات حتى لا يصح أن يقال: ضارب والمراد من قام به مدلول مصدر ما بل مدلول الضرب بخصوصه، أو يقال: هذا والمراد شخص ما مشار إليه بل هذا المشار إليه بعينه ففى هذا القسم الأخير خصوص المعنى شخصى لا يحتمل الكثرة واعتبار خصوص اللفظ فى نظر الواضع ضرورى بخلاف ما قيل فإن خصوصيات المعانى كليات وملاحظة الألفاظ عند الوضع ليست باعتبار خصوصياتها بل باعتبار اندراجها تحت أمر كلى، وإنما اقتصر الشارح على التعرض لهذين القسمين لأن وضع الحروف من هذا القبيل لأنها وضعت باعتبار أمر عام هو نوع من النسبة لكل فرد من أفرادها معين بخصوصه ومعلوم أنه لا يحصل خصوص النسبة وتعينها لا فى العاقل ولا فى الخارج إلا بتعيين المنسوب إليه فلم يكن بدّ فى دلالة الحروف على معانيها من ذكر متعلق به تتعين تلك النسبة، بخلاف الاسم والفعل فإنهما ليسا للنسبة بخصوصها بل الاسم قد يكون لنفس الذات كرجل، وقد يكون لذات باعتبار نسبة كذو وفوق، وقد يكون لنسبة لا بخصوصها كالابتداء والانتهاء وكذا الفعل فإنه لنسبة الحديث إلى موضوع ما فعلى وعن والكاف إذا أريد بها علو وتجاوز وشبه مطلقًا من غير نظر إلى الخصوصيات كانت أسماء، وإذا أريد بها علو وتجاوز وشبه بخصوصها كانت حروفًا فلا تمحل ويعرف بالعلامات والقرائن كما فى سائر الألفاظ المشتركة فلا تحكم فقوله: نحو ذو وفوق مثال لما وضع لذات باعتبار نسبة وقوله وعلى وعن والكاف مبتدأ خبره الجملة الشرطية بعده ومما يوضح الفرق بين الكاف الاسمية والحرفية التأمل فى قولنا زيد ما نند أسداست وزيد همجو أسداست.

قوله: (على معناها الإفرادى) قيل: احترز بقيد الإفرادى عن الاسم والفعل؛ فإن دلالتهما على معناهما التركيبى كالفاعلية وكونه مسندًا مثلًا مشروطة بذكر متعلقه لا على معناهما الإفرادى بخلاف الحرف إذ قد اشترط فى وضعه دالًا على معناه الإفرادى ذلك، وأما العلم بهذا الاشتراط فإما من نص الواضع عليه كما قيل وفيه بعد، وإما من استقراء عدم استعمال الحروف بدون المتعلق فلولا

<<  <  ج: ص:  >  >>