قوله:(وذلك أن الأصل) يعنى أنه يطلق فى اصطلاح الفقهاء والأصوليين على معان أحدهما الدليل وقد قامت القرينة على أنه المراد.
قوله:(وبهذا القيد) يعنى سبق أن الفقه اسم للعلم الحاصل للمجتهدين المستنبطين للأحكام من أدلتها التفصيلية، فعلم الرسول وجبريل عليهما السلام لا يكون فقهًا لأنه قد حصل بالأدلة ضرورة لا طلبًا واكتسابًا فحيث لم يذكر الاستنباط فى تعريف الفقه احتيج إلى قيد الاستدلال احتراز عنه، وبعضهم يرى أنه ليس علمًا عن الأدلة لأن حصول العلم عن الأدلة مشعر بكونه بطريق الاستدلال، إذ الحاصل بطريق الضرورة يكون معها لا عنها لأن معنى الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى العلم بمطلوب خبرى، فلا يفهم حصول من حصول العلم عنه إلا التوصل إليه بالنظر فيه، فعلى هذا يكون هذ القيد للدلالة مطابقة لا ما دل عليه الكلام التزامًا أو لدفع وهم من يعقل هذا اللزوم ويظن أن مثل علم الرسول عن الأدلة أو لبيان أن الفقه يكون بطريق الاستدلال البتة وإن لم يكن تركه فى التعريف مخلًا، وأما ما يقال من أن قوله عن أدلتها ليس متعلقًا بالعلم بل بالأحكام أو بالفرعية بمعنى أنه يتفرع عن الأدلة فيصدق على علم اللَّه وعلم الرسول وعلم المقلد، ويحترز عنه بقيد الاستدلال فلم يلتفت إليه الشارح لبعده.
قوله:(واعلم) قال الإمام فى المحصول أما أصول الفقه فاعلم أن إضافة الاسم إلى الشئ تفيد اختصاص المضاف بالمضاف إليه فى المعنى الذى عينت له لفظة المضاف يقال: هذا مكتوب زيد والمراد ما ذكرنا، ولما لم يكن هذا مطردًا فى مثل دار زيد وفرسه خصه الشارح باسم المعنى وهو ما يدل على معنى زائد على الذات بخلاف اسم العين وهو ما يدل على نفس الذات فإنه لا دلالة فى إضافته إلى الشئ على خصوصية الاختصاص، وأنت خبير بأن جعل جميع الصفات أسماء المعانى خلاف الاصطلاح فالأولى ما ذكرنا فى شرح التنقيح من تخصيص هذا الحكم بالمشتق وما فى معناه كالأصل مثلًا فإنه بمعنى الدليل أو بمعنى المنبنى عليه والمستند إليه، ولهذا جزمنا بأن الشرع فى قولهم أصول الشرع بمعنى المشروع لا الشارع لغيره فيما دل عليه لفظ المضاف، فقد أراد به الدلالة مطلقًا ولو التزامًا فلا منافاة، ومن قال اسم المعنى ما دل على معنى لا يقوم بنفسه وهو معنى العرض