واحدة ولو قال: أنت طالق ثلاثًا وقعت الثلاث وما ذلك إلا بإفادة العبارة الأولى الترتيب فتبين بالطلقة الأولى فلا يبقى المحل قابلًا للثانية والثالثة ولا ترتيب فى العبارة الثانية فلحقها الثلاث دفعة ولولا أن الواو للترتيب لما كان بينهما فرقًا.
والجواب: منع وقوع الواحدة فى العبارة الأولى بل يقع الثلاث وهو الصحيح من مذهب مالك رحمه اللَّه عند المصنف. فإن قيل: فقد قال مالك رحمه اللَّه: والأظهر أنها مثل ثم والاتفاق على أن ثم للترتيب وأنه لا يقع بها إلا واحدة قلنا إنما قال ذلك فى المدخول بها ولا يعنى به أن الواو مثل "ثم" فى المعنى بل فى الحكم فيقع الثلاث ولا ينوى فى التأكيد تنوية أى لا يوكل إلى نيته إذا قال: أردت به التأكيد إرادة أن لا يقع إلا واحدة لأن التأكيد يؤتى بغير الواو غالبًا والواو ظاهر فى التعدد ومثله لا يعتبر فيه النية.
قوله:(الواو العاطفة) هى فى عطف الجملة التى لا محل لها من الإعراب لإفادة ثبوت مضمون الجملتين لأن مثل قولنا: ضرب زيد أكرم عمرو بدون العطف يحتمل الإضراب والرجوع عن الأول فلا يفيد ثبوتهما بخلاف ما إذا عطفت نص على ذلك الشيخ عبد القاهر، وأما فى عطف المفردات وما فى حكمها من الجمل التى لها محمل من الإعراب فهى لإفادة الجمع فى حكم المعطوف عليه من الفاعلية والمفعولية أو المسندية أو غير ذلك وقد عبر الشارح عن ذلك بالجمع فى حكم أو ذات.
قوله:(غاية ما ذكرتم) يعنى أن صحة إطلاق الواو حيث لا ترتيب ولا معية لا يستلزم كونها حقيقة لجواز أن تكون مجازًا والمجاز وإن كان خلاف الأصل يصار إليه عند قيام الدليل، والأدلة الدالة على كونها للترتيب تدل على ذلك لكونه راجحًا على الاشتراك فصار الحاصل أنها فى غير الترتيب مجاز لا حقيقة، لأن الأدلة القائمة على كونها للترتيب تدل على أنها مجاز فى غير الترتيب لئلا يلزم الاشتراك ولا يخفى أن هذه معارضة وهى لا تقدح فى صحة دليل الخصم فلا يحسن ذكرها فى معرض التزييف للدليل على مذهب الحق، نعم لما دل ما ذكرنا على كونها لمطلق الجمع فلو دل ما ذكروا على كونها للترتيب احتاج دليلنا إلى الترجيح لكن أدلتهم ليست بتامة لما سيجئ من أجوبتها.