طرأ والمخالف ينفصل عن هذه الآية بتأويلها فتارة فى التعليم وتارة فى الأسماء أما فى التعليم فذكروا تأويلين، أحدهما: أن المراد به الإلهام بأن يضع نحو قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكْمْ}[الأنبياء: ٨٠]، ثانيهما: علمه ما سبق وضعه من خلق آخر.
الجواب: أنه خلاف الظاهر إذ المتبادر من تعليم الأسماء تعليم وضعها لمعانيها والأصل عدم وضع سابق.
وأما فى الأسماء فقالوا: المراد بها الحقائق بدليل قوله تعالى: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ}[البقرة: ٣١]، والضمير للأسماء إذ لم يتقدم غيره والضمير المذكر لا يصلح للأسماء إلا إذا أريد به المسميات مع تغليب العقلاء.
الجواب: أن التعليم للأسماء والضمير للمسميات وإن لم يتقدم لها ذكر فى اللفظ للقرينة الدالة عليها ويدل على أن التعليم للأسماء قوله: {أَنْبِئُونِى بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ}[البقرة: ٣١]، {فَلَمَّا أَنْبَأْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}[البقرة: ٣٣]، ولولا أن التعليم للأسماء لما صح الإلزام واستدل بقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}[الروم: ٢٢]، والمراد اللغات بالاتفاق إذ لا كثير اختلاف فى العضو، وإذ بدائع الصنع فى غيره أكثر.
الجواب: التوقيف عليها بعد الوضع وإقدار الخلق على وضعها فى كون اختلاف الألسنة آية سواء فلا يدل كونه آية على ثبوت أحدهما دون الآخر.
احتج البهشمية بقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}[إبراهيم: ٤]، أى بلغتهم دل على سبق اللغات الإرسال ولو كان بالتوقيف ولا يتصور إلا بالإرسال لسبق الإرسال اللغات فيلزم الدور قوله: وإلا لزم الدور أى فيصح ما قلنا: وإلا لزم الدور.
الجواب: أنه تعالى علمها آدم كما دلت عليه الآية وإذا كان آدم هو الذى علمها لا قوم رسول اندفع ما ذكرتم من الدور وقد أجيب عن حجة البهشمية بمنع كون التوقيف بالإرسال لجواز أن يكون بخلق الأصوات أو بخلق علم ضرورى كما تقدم.
وردّه المصنف بأنه خلاف المعتاد فلو لم يقطع بعدمه فلا أقل من مخالفته للظاهر مخالفة قوية احتج الأستاذ بأنه إن لم يكن القدر المحتاج إليه فى الاصطلاح بالتوقيف لزم الدور لتوقف الاصطلاح على سبق معرفة ذلك القدر والمفروض أنه