الجواب عن الأول على ما أشار إليه بقوله: إذ المتبادر من تعليم الأسماء، وبهذا الطريق يمكن أن يدفع ما يقال: يجوز أن يراد الأسماء الموجودة فى زمان آدم ولو سلم العموم يجوز أن يكون آدم ومن بعده نسيها فاصطلح جماعة على ما نسمعه من اللغات.
قوله:(التوقيف عليها) تقريره أن الألسنة وإن كانت مجازًا عن اللغات لكن كون اختلافها من آيات اللَّه لا يدل على أن جهة كونه آية هى توقيف اللَّه عليها وتعليمها إيانا بعد الوضع لجواز أن يكون توقيف اللَّه إيانا لوضعها وإقدارنا على ذلك فإن الجهتين سواء بل لا يبعد أن تكون الثانية أولى لكونها أدل على كمال القدرة وبديع الصنع وليس المراد أن حمل الألسنة على اللغات ليكون التوقيف آية ليس أولى من حملها على القدرة على الوضع ليكون الإقدار آية على ما فى بعض الشروح.
قوله:(وإلا لزم الدور) مقتضى ظاهر العبارة أن الآية لو لم تدل على سبق اللغات لزم الدور وفساده واضح فحمله على أن المعنى يصح ما قلنا من عدم كون اللغات توقيفية وإلا لزم الدور، بمعنى مسبوقية الشئ بما هو مسبوق بذلك الشئ، وإن كان سبقًا زمانيًا لا ذاتيًا كما فى الدور المصطلح فإن سبق الشئ على نفسه بحسب الزمان أيضًا ظاهر الاستحالة على أنه لا حاجة إلى ذكر الدور إذ يكفى أن يقال: لو كانت توقيفية لم تكن سابقة على الإرسال بل متأخرة واللازم باطل بدلالة الآية فإن قيل: الآية تدل على سبق اللغات والأوضاع دون التوقيف والتعليم ليدور قلنا مبنى على أن لغة القوم بطريق الإضافة إنما تكون بعد توقيفهم وتعليمهم.
قوله:(وإذا كان آدم هو الذى علمها) بلفظ المبنى للمفعول من التعليم يعنى لا نسلم أن التوقيف لا يتصور إلا بالإرسال، نعم توقيف قوم الرسل وتعليمهم وأما توقيف الرسل فيكفى فيه الوحى والإعلام من اللَّه تعالى، وقد يقال المراد أن دلالة الآية على سبق اللغات إنما هى فى حق الرسول الذى له قوم فآدم مخصوص من ذلك إذ لا قوم له عند البعثة والأول أوفق بالشارح والثانى بالمتن.
قوله:(على اصطلاح سابق) ذكر الآمدى أنه يستلزم التسلسل لتوقفه على اصطلاح سابق وهو على آخر وهكذا، واقتصر عليه؛ لأن الدور أيضًا نوع من التسلسل بناء على عدم تناهى التوقفات، والمصنف اقتصر على الدور لم يصح أن يريد بالاصطلاح السابق اصطلاحًا آخر سابقًا على ذلك الاصطلاح المفروض؛