للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلزام الملائكة بها ضرورة أن إلزامهم إنما يكون بما لا يعلمونه مما علمه آدم عليه السلام وأيضًا لو لم يكن التعليم لها لم يكن إنباؤه بها لأنه إنما يكون بما علمه إياه.

قوله: (والمراد) من الألسنة (اللغات) مجازًا (بالاتفاق إذ لا كثير اختلاف فى العضو) المخصوص المسمى باللسان بحيث يستغرب فيعدّ آية فقوله: إذ تعليل للاتفاق وفى بعض النسخ يوجد قبله الواو العاطفة فهو دليل آخر غير الاتفاق، وقوله: وإذ بدائع الصنع فى غيره أى غير العضو المخصوص من الأعضاء الأخر كالعين وغيرها (أكثر) فيكون بعدّه آية أولى دليل مستقل على أن المراد بها اللغات على ما فى النسخة الأخيرة وعلى النسخة المشهورة يحتمل الوجهين.

قوله: (الجواب التوقيف) أى من اللَّه للعباد على اللغات المختلفة بعد الوضع وإقداره الخلق على وضعها فى كون اختلاف الألسنة آية منه تعالى متساويان لأنه على التقديرين مستند إليه إما بغير واسطة أو معها فلا يدل كون اختلافها آية منه على ثبوت أحدهما من التوقيف والإقدار دون الآخر وقد يقال الأول أظهر للاستناد إليه ابتداء كخلق السموات والأرض.

قوله: (ولو كان) أى حصول اللغات للناس بالتوقيف من اللَّه سبحانه ولا يتصور التوقيف إلا بإرسال الرسل إليهم لسبق الإرسال اللغات فيلزم الدور لتقدم كل من الإرسال واللغات على الآخر وقول المصنف: وإلا لزم الدور تقريره فيصح ما قلناه من كون اللغات اصطلاحية وإلا لزم الدور وإنما احتيج إلى هذا التأويل إذ لو أجرى على ظاهره كان معناه: وإلا أى وإن لم يدل على سبق اللغات لزم الدور وهو ظاهر الفساد الجواب: أنه تعالى علم آدم اللغات بأسرها كما دلت عليه الآية وغيره قد تعلم منه وإذا كان آدم هو الذى علم اللغات بالوحى لا قوم رسول اندفع ما ذكرتم من الدور فإنه إنما يلزم إذا كان اللَّه سبحانه قد علم اللغات قوم رسول إذ لا يتصور تعليمه إياهم إلا بإرسال رسول إليهم فتتأخر اللغات عن الإرسال مع تقدمها عليه وأما على تقدير تعليمه إياها لآدم عليه السلام فلا إذ تعليمه بالوحى يستدعى تقدم الوحى على اللغات لا تقدم الإرسال إذ قد يكون هناك وحى باللغات وغيرها ولا إرسال له إلى قوم لعدمهم وبعد أن وجدوا وتعلموا اللغات منه أرسل إليهم وهذا الكلام بعينه يجرى فى غيره عليه السلام إلا أن الظاهر ما ذكره وإلى هذه النكتة أشار حيث قال: لا قوم رسول ولم يقل: لا رسول قوم كما يتبادر إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>