وقوله:(تفصيلية) صفة ثانية لأدلة ولهذا فسرها بقوله: أى كل مسألة مسألة بدليل دليل والقول بأن كونها صفة لعمومات وعلل أظهر وإن كان مآله معنى إلى ما ذكر فيه ذهول أيضًا عما فسر بها وقد ظهر بتفسيرهما أن التفصيلية لا تنافى الكلية ولا العموم فإن الأدلة الجزئية منصوبة على أعيان المسائل الشاملة لأحكام جزئية، وأما خواصه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا يتعلق بها استنباط يتوصل به إلى عمل لا يقال ربما استند مسائل كثيرة إلى دليل واحد لأن ذلك بجهات متعددة فهو بكل اعتبار دليل آخر ولم يذكر الإجماع لقلته أو لأن له سندًا من الثلاثة فهو راجع إليها ومن زعم أن الأدلة الكلية هى الإجمالية التى يبحث عنها فى الأصول من جهة حجيتها ودلالتها إجمالًا مثل أن الكتاب مثلًا حجة، وأن جهة دلالته ماذا، وأن العلل التفصيلية هى الأدلة التفصيلية التى يبحث عنها الفقيه من الآيات المخصوصة وغيرها الدالة على أعيان المسائل الجزئية، وقد أطلقوا العلة على الدليل فى قولهم: العلة المنصوصة فإن معرفة الأحكام الفقهية متوقفة على معرفة الدلائل إجمالية وتفصيلية؛ فيجعل الجزئية لخصوصها صغرى والإجمالية لعمومها كبرى فيقال مثلًا: هذا أمر بالجمع وكل أمر بشئ فهو لإيجابه فقد عدل بالكلام عن ظاهره إلى ما لا طائل تحته؛ إذ الأدلة الإجمالية إما مفهومتها الكلية كالكتاب والسنة فلم ينط بها شئ من الأحكام ولا يمكن استنباطها منها قطعًا، وإما الأحكام الكلية الواردة عليها المنطوية على جزئياتها فهى مسائل الأدلة فكيف يصح أنها محتاج إليها فى استنباط الأحكام من أدلتها التى نيطت بها وتحرير المقام أن المسائل المخصوصة مستندة إلى أدلة معينة يحتاج فى استنباطها منها إلى معرفة أحوالها التى لا تكاد تنحصر فى عدد يتمكن من ضبط تفاصيله مثلها؛ فاحتيج إلى معرفتها على وجه كلى إجمالى يرجع إليه فيما يقصد استنباطه وإنما وصف الأدلة بالكلية على ما فى بعض النسخ بقياسها إلى ما يندرج تحتها كما مر ولو لم توجد لم يضر، وقد أصاب من قال ما يتوهم من أن تفصيلية صفة علل وأنه عطف على أدلة فليس بمستقيم فإن قوله أى كل مسألة مسألة بدليل دليل بيان لذلك وجميعه شرح للاستنباط عن الأدلة التفصيلية.
قوله:(لتوقفه) أى الاستنباط وفى بعض النسخ لتوقفها فالضمير للأحكام على