الحسن والقبح لكن لما حصل تلك الأحكام من الشرع ثم توجه العقل إلى دقائق وأسرار فى الأفعال مناسبة لتلك الأحكام وحكم بها إجمالًا وقد يطلع على تفاصيلها حكم بتلك الأحكام على مذهب المعتزلة بمعنى: أن العقل يحكم بها أى بالأحكام الباقية من الشرع، على مذهب المعتزلة أى على أن فى ذوات الأفعال أشياء تقتضى تلك الأحكام وتناسبها والشرع يقع على طبقها.
قوله:(فلهذا قال: أما الحاكم فهو عندنا الشرع دون العقل) أى ولأجل أن للأفعال حسنًا وقبحًا بالمعنى الذى ذكر فى صدر الكلام والعقل يحكم بالحسن والقبح أوّلًا أى قبل الشرع قال الشارح: أما الحاكم فهو عندنا الشرع دون العقل ولم يقل: أما الحاكم فهو الشرع.
قوله:(فيما تعلق به حكم اللَّه تعالى من أفعال المكلفين) يعنى أن الظاهر فى عبارة الشارح أن يقال: لا نعنى به أن العقل لا حكم له فى شئ أصلًا بل إنه لا يحكم فى أفعال المكلفين بأن الفعل حسن أو قبيح لذاته فذكر حكم اللَّه تعالى مقام متعلقه كما يقال: زيد لا يحكم فى حكم عمرو أى لا يحكم فى متعلق حكمه، والنكتة فى اختيار تلك العبارة هى الإشعار بتقدم حكم اللَّه تعالى على حكم العقل والحكم فى الشئ متأخر عن ذلك الشئ.
قوله:(ويوصف بها الأفعال على ما ذكر من التفصيل) متعلق بقوله لثلاثة أمور إضافية تتغير بحسب الإضافات والتفصيل المذكور هو فى قول الشارح والمباح وفعل غير المكلف. . . إلخ. ومن ذكر هذا القول ظهر أنه ليس النزاع فى اتصاف الأفعال بالحسن والقبح على التفسيرات الثلاث، وقوله: ولا يطلق على ذلك المعنى متعلق بقوله: إنما يطلق أى الحصر المستفاد من قوله: إنما يطلق بالإضافة إلى الإطلاق على المعنى الذى ذكر فى الحاشية.
قوله:(وفعل اللَّه تعالى بالاعتبار الأوّل) أى بالمعنى الأوّل للحسن والقبح وإنما أورد لفظ التفسير فى الثانى والثالث ولفظ الاعتبار فى الأوّل لأن المذكور فى الأوّل مبدأ التعين (١) على وجه يؤخذ منه تفسير وفى الثانى والثالث نفس التفسير، وإنما لم يذكر فى الأوّل ما هو تفسير للحسن والقبح كما ذكره فى الثانى والثالث لأن الأول لا يسند إلى الشرع بخلاف الثانى والثالث ولا يتصف فعل اللَّه تعالى
(١) مبدأ التعين كذا فى الأصل السقيم ولعل فى الكلام تحريفًا فتأمل. كتبه مصحح طبعة بولاق.