للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل وجوه واعتبارات مختلفة بيان وجه المخالفة بين الجبائية والقوم السابق. وقد ذكر فى هذا البيان شيئين اعتبارات قوله واختلافها محصل للمقابل حقيقية لازمة غير مختلفة.

قوله: (أى مستندًا إلى ذات الفعل أو صفة لازمة لها) يعنى أن هذا البرهان لا ينتهض على الجبائية لأن الاختلاف فى الحسن والقبح بأن يكون فعل واحد حسنًا تارة وقبيحًا أخرى جائز عندهم فإنهم قالوا بجواز اختلاف الوجب لهما.

قوله: (فلاستلزامه الكذب القبيح) أى استلزام هذا القول المقيد بالصدق فهذا الخبر المقيد بالصدق حسن وقبيح وكذا القول فى جانب الكذب.

قوله: (لاستلزامه ترك الكذب غدًا وهو حسن) يعنى أن هذا الترك اللازم قد يكون حسنًا وهذا القدر كاف فى هذا المقام إذ المقصود بيان النقيضين ولو فى صورة واحدة وهى ما إذا قيل، لأكذبن غدًا وهذا القائل قد قصد الكذب فى الغد ولم يقع منه قول فى الغد كاذب بناء على قبحه وترك الكذب القبيح المسبوق بالقصد الواقع فى قوله: لأكذبن حسن وقوله: والمفضى إلى الحسن حسن وقد قال فى سورة الصدق ومستلزم القبيح قبيح إشارة إلى ما ذكر والإفضاء ظاهر لأن القصد الذى له مدخل فى حسن عدم الوقوع حاصل من قوله: لأكذبن.

قوله: (لاستلزامه كذب ما قاله أمس) هذا القول أحسن من أن يقال: لاستلزامه الكذب القبيح يلزم أن يكون قبيحًا يصير قائله مستحقًا للذم كما إذا قال: زيد فى حق عمرو يكذب غدًا وقد وقع فى عمرو (١) قول صادق فى الغد فإن هذا القول يستلزم الكذب القبيح ولا يكون قبيحًا؛ لأن صيغة المتكلم التى هى قوله لأكذبن والخبر الواقع فى الغد وقد سبق من قوله وأما قبحه فلاستلزامه الكذب القبيح كلام حق صريح لا يرد عليه شئ.

واعلم أن القائلين بالحسن والقبح الذاتيين أى: المنتسبين إلى ذات الفعل أو صفة لازمة لها لا يبعد منهم تجويز اجتماع الحسن والقبح فى فعل واحد من جهتين كما إذا وقع لفعل واحد صفتان لازمتان له لزومًا نوعيًا أو شخصيًا؛ أحدهما يوجب الحسن والآخر يوجب القبح وكون الحسن عدم القبح باعتبار أن القبح هو كون الفعل بحيث يستحق فاعله الذم وأن الحسن هو كونه بحيث لا


(١) قوله: وقد وقع فى عمرو. . . إلخ. هذه عبارة مختلة فحررها. كتبه مصحح طبعة بولاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>