قال:(واستدل لو كان ذاتيًا لزم قيام المعنى بالمعنى لأن حسن الفعل زائد على مفهومه وإلا لزم من تعقل الفعل تعقله ويلزم وجوده لأن نقيضه لا حسن وهو سلب وإلا استلزم حصوله محلًا موجودًا ولم يكن ذاتيًا وقد وصف الفعل به فيلزم قيامه به واعترض بإجرائه فى الممكن وبأن الاستدلال بصورة النفى على الوجود دور لأنه قد يكون ثبوتًا أو منقسمًا فلا يفيد ذلك واستدل فعل العبد غير مختار فلا يكون حسنًا ولا قبيحًا لذاته إجماعًا لأنه إن كان لازمًا فواضح وإن كان جائزًا فإن افتقر إلى مرجح عاد التقسيم وإلا فهو اتفاقى وهو ضعيف فإنا نفرق بين الضرورية والاختيارية ضرورة ويلزم عليه فعل البارى وأن لا يوصف بحسن ولا قبح شرعًا والتحقيق أنه يترجح بالاختيار).
أقول: دليلان لأصحابنا استضعفهما استدل لو كان ذاتيًا لزم قيام المعنى بالمعنى أو العرض بالعرض واللازم باطل.
أما الأولى فلأن حسن الفعل مثلًا أمر زائد على مفهوم الفعل وإلا لزم من تعقل الفعل تعقله ولا يلزم إذ يعقل الفعل ولا يخطر بالبال حسنه، ثم يلزم أن يكون أمرًا وجوديًا لأن نقيضه لا حسن وهو سلب إذ لو لم يكن سلبًا لاستلزم محلًا موجودًا فلم يصدق على المعدوم أنه ليس بحسن وأنه باطل بالضرورة وأيضًا إذا لم يصدق عليه أنه ليس بحسن صدق عليه أنه حسن إذ لا مخرج عن النفى والإثبات فلم يكن الحسن وصفًا ذاتيًا إذ المعدوم لا يكون له صفة إلا مقدرة موهومة وكيف تكون صفة حقيقية ذاتية لما لا حقيقة ولا ذات له وإذا ثبت أن نقيضه سلب كان هو وجودًا وإلا ارتفع النقيضان فقد ثبت أنه زائد وجودى فهو معنى لأن ذلك هو معنى المعنى ثم نقول الفعل قد وصف حيث يقال الفعل حسن فيلزم قيام الحسن بالفعل لامتناع أن يوصف الشئ بمعنى يقوم بغيره والفعل أيضًا معنًى وهو ظاهر فيلزم قيام المعنى بالمعنى.
وأما الثانية فلأنه يلزم إثبات الحكم قال الفعل لا له لأن الحاصل قيامهما معًا بالجوهر إذ هما معًا حيث الجوهر تبعًا له وحقيقة القيام هو التبعية فى التحيز وتحقيقه فى الكلام، قوله: فيلزم قيامه به، أى قيام الحسن بالفعل أو قيام المعنى بالمعنى واعترض عليه بوجهين:
أحدهما: النقض بإجراء الدليل فى الممكن الثابت للفعل فيلزم أن لا يكون