للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليله على وجه يندفع به جواب الآمدى عن الاعتراض الأول وتقريره على ما ذكره الجمهور أن الاستدلال على كون الحسن وجوديًا بكون اللاحسن سلبًا لصدقه على المعدوم ليس بمستقيم (لأنه) أى صورة النفى وتذكير الضمير باعتبار الخبر أو لأنها فى حكم المنفي (قد يكون ثبوتًا) وفى بعض النسخ ثبوتيًا أى موجودًا كاللامعدوم (وقد يكون منقسمًا) بعض أفراده موجود وبعض أفراده معدوم كاللاواجب واللاممتنع فمجرد صدقه على المعدوم لا يستلزم كونه عدميًا على الإطلاق فكون صورة النفى سلبًا موقوف على كون ما دخله النفى موجودًا، فلو استفيد كونه موجودًا من كون صورة النفى سلبًا لزم الدور وهذا تقرير ظاهر إلا أن المصنف لما قال لأنه قد يكون ثبوتيًا بتذكير الضمير والعدول عن الوجود إلى الثبوت جعل الشارح المحقق الضمير للمنفى أى ما دخله النفى لا لصورة النفى وحمل الثبوت على معناه المصدري وجعله أعم من الوجود على ما هو رأى المعتزلة وتقريره أنا سلمنا أن صورة النفى سلب لكنه قد يكون سلبًا لثبوت أمر لأمر أعم من أن يكون موجودًا أو معدومًا فلا يستلزم كون المنفى موجودًا كاللاامتناع إذا قصد به سلب الامتناع ونفى ثبوته عن الشئ لا مفهوم ما ليس بامتناع فالمنفى حينئذٍ هو ثبوت الامتناع لغير ما سلب عنه الامتناع وقد يكون سلبًا لأمر يصدق على الموجود والمعدوم كاللامعلوم وهذا أيضًا لا يستلزم كون المنفى موجودًا لأن العام لا يستلزم الخاص وهذا معنى قوله: فعلى التقديرين أى تقدير كون المنفى ثبوتيًا وتقدير كونه منقسمًا لا يلزم من كون النفى سلبًا وجود المنفى كما فى المثالين يعنى اللامتناع واللامعلوم وقد يكون سلبًا لموجود كاللاموجود وهذا يستلزم كون المنفى موجودًا فاستلزام صورة النفى لوجود المنفى يتوقف على كونها نفى وجود لا نفى ثبوت أو منقسم فلو استفيد وجود المنفى منه لزم الدور ولعمرى لا أدرى للشارح المحقق باعثًا على أمثال هذه التقريرات سوى قوة تصرفه فى الكلام وفرط ترفعه عن متابعة الأقوام.

قوله: (أما عندكم) تقريره أن كل حسن أو قبيح فهو فعل المتمكن منه أى القادر عليه وكل ما هو فعل للقادر عليه فهو مختار؛ لأن تأثير القدرة لا يتصور إلا على وفق الاختيار كل حسن أو قبيح فهو مختار وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كل ما ليس بمختار لا يكون حسنًا ولا قبيحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>