إن كان الفعل لازم الصدور عنه بحيث لا يمكنه الترك كان اضطراريًا وإن كان جائزًا وجوده وعدمه فإما أن يفتقر إلى مرجح أو لا فعلى الثانى يكون اتفاقيًا وعلى الأول يعود التقسيم بأنه مع ذلك المرجح هل هو لازم أو لا.
قوله:(وعن الثالث أن وجود الاختيار كاف) عندنا (فى) الحسن والقبح (الشرعى) وإن لم يكن له مدخل فى الفعل أصلًا وكون الفعل اضطراريًا لما ذكرناه لا ينافى وجود الاختيار والقدرة بل تأثيرهما، وعندكم لولا استقلال العبد بإيجاد الفعل بقدرته واختياره لقبح التكليف عقلًا وقد ثبت ما ينافى ذلك فلا يثبت الحسن والقبح عقلًا (وعن الرابع أنه إذا كان ما يجب الفعل عنده) وهو الاختيار (من اللَّه) ضرورة أن اختيار العبد ليس باختياره وإلا لزم التسلسل (بطل استقلال العبد به) فلا حسن ولا قبح عقليًا، وفى قوله يجب الفعل عنده تنبيه على أن الأولوية غير كافية وللجواب عن الرابع تقرير وافٍ فى علم الكلام.
قوله:(وقد يقال: إن أريد بالصفة الحقيقية) هذا القول ضعيف لأن المقدر الموهوم المذكور فى الشرح ليس معناه ما ليس بموجود حتى يظهر من المقابلة أن المراد: الصفة الحقيقية صفة وجودية بيان ذلك أن الشارح أورد قوله إذ المعدوم لا يكون له صفة إلا مقدرة موهومة لبيان أن الحسن لم يكن وصفًا ذاتيًا على تقدير أن يكون المعدوم حسنًا ومعنى قوله: وصفًا ذاتيًا وصف مستند إلى الذات كما يظهر ذلك من كلام هذا القائل وليس فى هذا القول اعتبار الوجود فلا معنى لقوله إذ المعدوم لا يكون له صفة إلا مقدرة موهومة أى معدومة إذ لا منافاة بين كون الصفة معدومة وبين كونها وصفًا ذاتيًا كما فى الصفات الاعتبارية الثابتة للموجودات الخارجية، وإن أريد المنافاة باعتبار الاستناد إلى الذات والمعدوم لا ذات له وجب أن يقال: إذ المعدوم لا يكون له ذات حتى يلزم أن لا يكون الحسن وصفًا ذاتيًا على تقدير أن يكون المعدوم حسنًا فالظاهر أنه بعدما ذكر فى المدعى سبب كونه وصفًا وكونه ذاتًا أراد بقوله: إذ المعدوم لا بكون له صفة بيان انتفاء كون الحسن وصفًا على تقدير المذكور وبقوله: وكيف بيان انتفاء كونه ذاتًا؟ فكأنه قال: فلم يكن الحسن وصفًا إذ المعدوم لا يكون له صفة إلا بأمر معدوم وموهوم كونه صفة ولم يكن صفة ذاتية إذ الصفة المستندة إلى الحقيقة والذات لا تكون لما