عاد الكلام فيه وتسلسل وإلا فجميع تلك الأعراض المتسلسلة لا فى محل وقد عرف بطلانه لامتناع قيام العرض واحدًا أو أكثر بنفسه وإن انتهت إلى الجوهر فالكل قائم به لأن الكل تابع فى تحيزه لذلك الجوهر وحينئذٍ فلا يكون عرض قائمًا بعرض والفرض خلافه، وهذان الوجهان ضعيفان أما الأول فنمنع أن القيام هو التبعية فى التحيز بل هو الاختصاص الناعت وهو أن يختص شئ بشئ اختصاصًا يصير به الأول نعتًا لآخر والثانى منعوتًا به ألا ترى أن التحيز صفة للجوهر قائم به وليس تابعًا لتحيزه وإلا كان الشئ الذى هو التحيز مشروطًا بنفسه إن قلنا بوحدة التحيز القائم بذلك الجوهر إذ لا بد أن يقوم التحيز أولًا بالجوهر حتى يتبعه غيره فى التحيز فإذا كان ذلك الغير نفس التحيز فقد اشترط قيامه بالجوهر بقيامه بالجوهر وهو اشتراط الشئ بنفسه أو تسلسل إن قلنا بتعدد التحيز القائم بالجوهر وأيضًا صفات البارى قائمة به من غير شائبة تحيز، وأما الثانى فلأنه لا ينفى أن يقوم عرض بعرض وذلك بأن يقوم عرض بعرض مرتبًا إلى أن ينتهى إلى الجوهر فيكون بعضها تابعًا لذلك الجوهر ابتداء والبعض الآخر تابعًا للبعض الأول ولا يلزم أن الكل قائم بالجوهر وتابع له فى تحيزه ابتداء بل هناك ما يكون تابعًا بواسطة والقول بأن التابع لا يكون متبوعًا لآخر إذ ليس هذا أولى من عكسه ممنوع لجواز أن يكون أحدهما لذاته مقتضيًا لكونه متبوعًا ومحلًا والآخر لكونه تابعًا وحالًا ومحل النزاع هو قيام العرض بالعرض مع الانتهاء إلى الجوهر لا مع عدم الانتهاء فإنه مما لا يقول به أحد واحتج الفلاسفة بأن السرعة والبطء قائمان بالحركة فيقال: حركة سريعة وحركة بطيئة دون الجسم فلا يوصف بأنه سريع أو بطئ ما لم يلاحظ حركته ورد بأنهما ليسا عرضين ثابتين للحركة لا على مذهبنا ولا على مذهبهم أما على مذهبنا فإنهما من أوصاف الجسم المتحرك دون الحركة فمعنى البطء أن الجسم يسكن سكنات كثيرة فى زمان قطعه لمسافة ومعنى السرعة أن يسكن سكنات قليلة بالقياس إلى سكنات البطء وأما على مذهبهم فلجواز أن يكون طبقات الحركات ومراتبها المختلفة بالسرعة والبطء أنواعًا مختلفة بالحقيقة وليس ثم موجود إلا الحركة المخصوصة التى هى نوع من تلك الأنواع المختلفة الحقائق وأما السرعة والبطء فمن الأمور النسبية التى لا وجود لها فى الخارج ولذلك اختلف حال الحركة فيهما فإنها تكون سريعة بالنسبة إلى حركة بطيئة بالنسبة إلى أخرى. اهـ من المواقف