يرتفعان وإذا اعتبرت وجود مفهوم الوجوب فى نفسه كان نقيضه رفع وجوده فى نفسه فلا يجتمعان ولا يرتفعان أيضًا وليس نقيض وجود الوجوب فى نفسه وجود مفهوم اللاوجوب فى نفسه حتى يلزم من عدمية اللاوجوب أعنى ارتفاع وجوده فى نفسه أن يكون الوجوب موجودًا فى نفسه. اهـ.
قوله:(لدليل المقدمة والمدعى) يعنى أن الاعتراض الثانى نقض إجمالى للدليل على أن الفعل اضطرارى الذى هو إن كان صدوره. . . إلخ. لوجود هذا الدليل فى فعل البارى مع أنه ليس اضطراريًا فقد تخلف الحكم عن الدليل، والاعتراض الثالث نقض إجمالى للدليل على أن الحسن والقبح ليسا ذاتيين الذى هو أن فعل العبد اضطرارى وكل فعل اضطرارى لا يوصف بحسن ولا قبح ذاتيين لوجوده مع اتصاف الفعل بالحسن والقبح الشرعيين عند الخصم المستدل على نفى الحسن والقبح الذاتيين فقد تخلف الحكم عن الدليل وتخلف الحكم هنا من حيث إن الدليل ينفى الحسن والقبح الشرعيين أيضًا مع أنهما ثابتان فلا مانع من ثبوت الحسن والقبح العقليين أيضًا وهذا بعيد.
قوله:(ولهذا الجواب تقرير وافٍ فى الكلام) إشارة إلى ما ذكر فى مسألة خلق الأعمال من أن من قال: بأن العبد يخلق أفعال نفسه قائل: بأن صدور الفعل عن القادر يتوقف على أن يخلق اللَّه فيه الداعية للفعل وعند حصولها يجب حصول الفعل ولا يتمكن من الترك وهذا ينافى استقلال العبد بالفعل كان لم يناف تأثير قدرته فيه فلزم هذا القائل القول بأن العبد ليس موجودًا للفعل كما هو مذهب الأشاعرة وفى شرح مسلم الثبوت ما نصه بالاختصار وتحقيق المقام أنه عند إرادة العبد تتحقق الدواعى للفعل من التخيل الجزئى والشوق إليه فيصرف العبد اختياره المعطى من اللَّه سبحانه إلى الفعل وقد أجرى اللَّه عادته بإعطاء ما يصلح المادة إصلاحًا كاملًا وليس الشأن الإلهى أن يترك المادة المستعدة الطالبة بلسان الاستعداد عاربة عنه بإمساك الفيض عنه بل يخلق اللَّه تعالى الفعل فى المريد بجرى العادة فيتصف به هذا عند أهل الحق وأما عند المعتزلة فبعد تمام هذا الاستعداد يغلق العبد الفعل فليس الاختيار فى العبد إلا صرف القدرة والإرادة إلى الفعل سواء وجد بهذا الصرف كما هو عند المعتزلة أو لا كما هو عندنا وهذا لا ينافى الوجوب وأما فعل اللَّه تعالى فتحقيقه أن تتعلق إرادته فى الأزل بإيجاد ما علمه اللَّه تعالى صالحًا