(اندفع) الدليل (الأول لجواز الاختلاف) حينئذ بحسب اختلاف الوجوه إنما لا يجوز ذلك إذا استند إلى الذات أو إلى الصفة اللازمة (و) كذا اندفع (الدليل الثانى جواز الاجتماع) بين الحسن والقبح بحسب الاعتبارات المختلفة ولا يجوز ذلك على تقدير الاستناد إلى الذات وهو ظاهر ولا على تقدير الاستناد إلى الصفة اللازمة لاستنادها إلى الذات فيرجع إلى الأول وكذا اندفع الثالث؛ لأن الحسن أو القبح المستند إلى الاعتبارات قد يكون أمرًا اعتباريًا لا موجودًا محققًا فلا يكون عرضًا قائمًا ليلزم المحذور (و) كذا (الرابع لأن) الفعل (اللازم والاتفاقى قد يكون له جهات واعتبارات) بحسبها يتصف بالحسن والقبح إنما لا يتصف بذلك من حيث ذاته ولا من حيثية راجعة إليه.
قوله:(لو كان حسن الفعل وقبحه لأمر غير الطلب) أى من الشارع بالأمر والنهى حاصل فى الفعل سواء كان ذلك الأمر ذات الفعل أو صفة له حقيقية أو اعتبارية لم يكن تعلق الطلب بالفعل لذات الطلب لتوقف التعلق حينئذ على أمر زائد على الطلب هو منشأ الحسن أو القبح أو على أمر زائد عليه هو الحسن أو القبح الحاصل من غيره، وباقى الكلام واضح وفيه بحث لأن تعلق الطلب بالفعل نسبة بينهما متوقفة عليهما قطعًا؛ لأن الطلب لا يمكن وجوده خارجًا ولا ذهنًا بدون المطلوب متعلقًا به فلذلك كان التعلق لازمًا له فلو فرضنا: أن ذات الفعل منشأ الحسن أو القبح، وأن تعلق الطلب متوقف عليه لم يكن فيه استحالة وأما أن التعلق ثابت له لذاته فإن أريد به أنه لا يتوقف على شئ مغاير للطلب فهو ممنوع، وإن أريد أنه مستلزم إياه بحيث يمتنع انفكاكه عنه فهو مسلم لكن توقفه على المطلوب لا ينافى ذلك لاستلزامه إياه أيضًا، كان فرض أن تعلقه باعتبار حسنه أو قبحه فإما أن يجعل الحسن مثلًا قيدًا للفعل المطلوب؛ بأن يكون المطلوب هو الفعل الموصوف بالحسن من حيث هو كذلك كان من تتمة المطلوب فلا يلزم من توقف التعلق عليه محذور، وإما أن يجعل غاية للطلب فلا امتناع أيضًا لأن وجود الطلب حينئذ متوقف عليه فضلًا عن تعلقه ولا يقدح ذلك فى الاستلزام لا يقال: حسن الفعل وقبحه، وما يستندان إليه أمور حادثة فلا يتوقت عليها الطلب وتعلقه القديمان، لأنا نقول: الطلب عند المعتزلة حادث على أنه متوقف على العلم بها لا على وجودها فى الخارج وقس على ذلك استناد الحسن إلى الصفة حقيقية كانت