للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (الثانية: لا حكم فيما لا يقضى العقل فيه بحسن ولا قبح وثالثها لهم الوقف عن الحظر والإباحة وأما غيرها فانقسم عندهم إلى الخمسة لأنها لو كانت محظورة وفرضنا ضدين لكلف بالمحال. الأستاذ: إذا ملك جواد بحرًا لا ينزف وأحب مملوكه قطرة فكيف يدرك تحريمها عقلًا، قالوا: تصرف فى ملك الغير قلنا: يبتنى على السمع ولو سلم ففيمن يلحقه ضرر ما ولو سلم فمعارض بالضرر الناجز وإن أراد المبيح أن لا حرج فمسلم وإن أراد خطاب الشارع فلا شرع وإن أراد حكم العقل بالتخيير فالفرض أنه لا مجال للعقل فيه، قالوا: خلقه وخلق المنتفع به فالحكمة تقتضى الإباحة قلنا معارض بأنه ملك غيره وخلقه ليصبر فيثاب وإن أراد الواقف أنه وقف لتعارض الأدلة ففاسد).

أقول: هذه هى المسألة الثانية من مسألتى التنزل وهو أنه لا حكم لأفعال العقلاء قبل الشرع وقد قسم المعتزلة الأفعال الاختيارية إلى ما لا يقضى العقل فيها بحسن لا وقبح. ولهم فيها ثلاثة مذاهب الحظر والإباحة والوقف عنهما وإلى غيرها وهو ينقسم عندهم إلى الأقسام الخمسة المشهورة: من واجب ومندوب ومحظور ومكروه ومباح لأنه لو اشتمل أحد طرفيه على مفسدة فأما فعله فحرام أو تركه فواجب وإن لم يشتمل عليها فإن اشتمل على مصلحة فأما فعله فمندوب أو تركه فمكروه وإن لم يشتمل عليها أيضًا فمباح أما الحاظر فنقول له لو كانت محظورة وفرضنا ضدين لا ثالث لهما كالحركة والسكون لزم التكليف بالمحال. قال الأستاذ: من ملك بحرًا لا ينزف واتصف بغاية الجود وأحب مملوكه قطرة من ذلك البحر فكيف يدرك بالعقل تحريمها والتقريب واضح.

قالوا: تصرف فى ملك الغير بغير إذنه فيحرم.

الجواب: أن حرمة التصرف فى ملك الغير عقلًا ممنوع فإنها تبتنى على السمع ولولا ورود السمع بها لما علم ولو سلم أنها عقلية فذلك فيمن يلحقه ضرر ما بالتصرف فى ملكه ولذلك لا يقبح النظر فى مرآة الغير والاستظلال بجداره والاصطلاء بناره والمالك فيما نحن فيه منزه عن الضرر ولو سلم فمعارض بما فى المنع من الضرر الناجز. ودفعه عن النفس واجب عقلًا وليس تحمله لدفع ضرر الخوف أولى من العكس وأما المبيح فنقول له: إن أردت أن لا حكم بحرج فى الفعل والترك فمسلم وإن أردت خطاب الشارع بذلك فلا شرع وإن أردت حكم

<<  <  ج: ص:  >  >>