للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وقيل: الحكم خطاب الشارع بفائدة شرعية تختص به أى لا تفهم إلا منه لأنه إنشاء فلا خارج له).

أقول: قال الآمدى: الحكم خطاب الشارع بفائدة شرعية، فخرج خطابه بغيرها كالإخبار بالمحسوسات والمعقولات.

قال فى المنتهى: إن فسر أى الفائدة الشرعية بمتعلق الحكم فدور ولو سلم فلا دليل عليه أى فى اللفظ وإلا ورد على طرده الإخبار بما لا يحصى من المغيبات فزيد: تختص به أى لا تحصل إلا بالاطلاع عليه ولا دور لأن حصول الشئ غير تصوره وهذا حكم إنشائى إذ ليس له خارجى.

واعلم أن له أن يفسرها بتحصيل ما حصولها بالشرع دون ما هو حاصل ورد الشرع به أم لا لكنه يعلم بالشرع وحينئذ يكون كما قال وهو مطرد ومنعكس لا غبار عليه وأما قوله: تختص به. . . إلخ. فاعلم أن الخبر كما ستعلم له لفظ ومعنى يدل عليه ثابت فى النفس ومتعلق لذلك المعنى يشعر بوقوعه فى الخارج فإن كان واقعًا فصادق وإلا فكاذب ومثله يمكن أن يعلم وقوع به متعلقه بطريق غير ذلك الخبر وأما الإنشاء نحو قم فلا يدل على أن لنفسه متعلقًا واقعًا فلا خارج له عن النفسى يراد إعلامه إنما يراد به إعلام النفسى وهو الطلب مثلًا وذلك مما لا يعلم إلا باللفظ الدال عليه توقيفًا عليه وإذا عرفت هذا فمثل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧]، مما يصلح للإنشاء والإخبار عن إيجاب سابق متردد بين كونه حكمًا وعدمه.

قوله: (تختص به) أى لا تحصل تلك الفائدة إلا بالاطلاع على ذلك الخطاب ثم استشعر اعتراضًا بأن الاطلاع على الشئ معتبر فيه فتلك الفائدة تتوقف على معرفة الخطاب المخصوص الذى لا تعرف خصوصيته إلا بمعرفة الفائدة فيدور؛ أو يتوقف على معرفة الخطاب الذى هو الحكم فيكون تعريف الحكم به دورًا فأجاب بأن المتوقف على الاطلاع على الخطاب المخصوص أعنى الحكم هو حصول الفائدة لا تصوّرها، والمعتبر فى معرفة الخصوصية أو الحكم تصورها لا حصولها فلا دور فإن قيل تصور مفهوم الفائدة المختصة بالخطاب يتوقف على تصور الخطاب ضرورة، قلنا: نعم لكن على تصور مفهوم الخطاب الذى هو جزء مفهوم الحكم لا

<<  <  ج: ص:  >  >>