للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى لا يعلم إلا باللفظ بطريق جعل السامع واقفًا على ثبوته فى النفس فيختص بالخطاب الدال عليه فمثل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]، إن قصد به الإعلام بنسبة واقعة سابقة كان خبرًا فلا يكون حكمًا بالمعنى الذى نحن فيه، وإن قصد به الإعلام بالطلب القائم بالنفس كان إنشاء فيكون حكمًا.

قوله: (قال فى المنتهى إن فسر) أى الآمدى (الفائدة الشرعية بمتعلق الحكم الشرعى) فالتعريف دورى لأن تصور متعلق الحكم الشرعى موقوف على تصوره فلو عرف الحكم بمتعلقه كان دورًا ولو سلم أن لا دور من حيث إن تصور المتعلق يتوقف على تصور الحكم الشرعى بوجه ما لا على تصوره بهذا الوجه المخصوص واللازم حينئذ أن تصوره بهذا الوجه يتوقف على تصوره بوجه ما ولا استحالة فيه فلا دليل فى اللفظ على متعلق الحكم الشرعى فإن الفائدة الشرعية لا يفهم منها ذلك أصلًا فيفسد الحد وإن لم يفسد الآمدى الفائدة الشرعية بالمتعلق بل بما لا تكون حسية ولا عقلية على ما أشعر به كلامه حيث قال: هذا القيد احترازًا عن خطابه بما لا يفيد فائدة شرعية كالإخبار عن المعقولات والمحسوسات ورد على طرد الحد إخبار الشارع بالمغيبات كقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ٣]، وأمثاله فزيد على الحد الذى ذكره الآمدى ى قيد: يخصه بالإنشاء ويخرج عنه ما أورد عليه من الأخبار، وهو قولنا: تختص به أى لا تحصل تلك الفائدة إلا بالاطلاع على الخطاب وبهذا القيد اندفع النقض لأن فائدة الإخبار عن المغيبات قد يطلع عليها لا من حيث الخطاب الشرعى فإن له مدلولًا خارجيًا قد يعلم إذا وقع بدون اطلاع عليه، قال فى المنتهى: والحد مع الزيادة يرد عليه قوله تعالى: {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: ٤٨]، {نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: ٣٠]، وقوله: ولا دور دفع لما يتوهم من أن معرفة الخطاب المفيد فائدة مختصة به موقوفة على تصور الفائدة المختصة ضرورة توقف الكل على تصور أجزائه وهى متوقفة على الخطاب كما ذكرتم من أنها لا تحصل إلا بالاطلاع عليه، وتقريره: أن المتوقف على الخطاب حصول الفائدة وما توقف عليه الخطاب تصورها وحصول الشئ غير تصوره فلا دور، فإن قلت: قولكم لا تحصل إلا بالاطلاع عليه دل على أن معرفة الفائدة موقوفة على معرفة الخطاب فالدور لازم نعم لو قيل: لا تحصل إلا به لزم ما ذكرتم قلت العلم

<<  <  ج: ص:  >  >>