قوله:(بل إن كان مما يخاطب به) أى إن كان الكلام من جنس اللفظ والعبارة لأن الكلام النفسى يكون لغوًا بحسب الظاهر أى باعتبار الظاهر الذى هو عدم فائدته والاستغناء عنه على ذلك التقدير أى على تقدير عدم الإفهام فى الحال وعدم العلم بالإفهام فى الحال.
قوله:(أعم من الماضى والحال) فإن قيل: فيلزم أن يكون الكلام خطابًا فى الأزل لأنه يصدق عليه فى الأزل أنه يفهم فى وقت مّا قلنا: الإفهام الواقع فى التعريف غير مقيد بزمان من الأزمنة وتسمية الكلام بالخطاب تابع لتحقق الإفهام فإن كان الإفهام فى الماضى يكون الكلام خطابًا فى الماضى وإن كان فى زمان آخر يكون الكلام خطابًا فى ذلك الزمان.
قوله:(كما فى قولك أحسن فلان إلى محسنه) أى كالملاءمة الواقعة فى قولك: أحسن فلان إلى محسنه، وقوله: لم يتنفر عنه عطف على قوله: ملائم كما فى قولك: أساء إليه أى تنفرًا مسل التنفر الواقع فى قولك أساء إليه وقوله: لم يستقبح عطف على قوله: لم يتنفر عنه.
الشارح:(واعلم بعد هذا كله أنه يرد عليه وجوب الكف فى قولك كف نفسك) هذا الإيراد مدفوع بأن الكف فى نحو كف نفسك مقصود لذاته وإن ذكر معه المتعلق نحو عن الزنا بخلاف الكف فى نحو لا تفعل فإنه ليس مقصودًا لذاته بل المقصود المتعلق والكف حال من أحواله لأنه مدلول للحرف فقولهم فى تعريف الإيجاب: طلب فعل غير كف أى غير كف ملحوظ لغيره بأن كان فعلًا غير كف رأسًا وفعلًا هو كف ملحوظ لذاته وقولهم فى تعريف التحريم: طلب فعل هو كف أى كف ملحوظ لتعرف حال المتعلق.
التفتازانى:(إلا أنه اقتصر على المقصود مع زيادة الوضوح) وذلك أن المقصود من فعل هو كف نفس الكف فلذا قال: وإن كان طلبًا للكف عن فعل وإنما لى يقل ينتهض تركه لأن ترك الكف عن الفعل هو الفعل والتعبير به واضح عن التعبير بترك الكف وقوله: وأقام ذلك الفعل مقام فعله فى عبارة المتن أى أن مقتضى المتن أن يقول فعله لأن ذلك عبارته لكنه أقام الشارح قوله ذلك مقام قول المصنف: فعله لئلا يتوهم. . . إلخ.