أحدهما مبهمًا كما يراه المصنف فيذم تاركه بأى وجه فرض فلذلك لم يذكره كغيره وبهذا القيد حافظ على عكسه فلم يخرج من الحدّ ما هو من المحدود أعنى الموسع والكفاية لكنه أحل بطرده فدخل فيه ما ليس من المحدود وهو صلاة النائم والناسى والمسافر فإنه يذم تاركه بتقدير انتفاء العذر فإن قال القاضى: لا نسلم أن هذه غير واجبة بل واجبة وسقط الوجوب فيها بالعذر قلنا: وكذلك فى الكفاية يقال: يذم بتركه شرعًا، أى يجب الذم لكنه يسقط وجوب الذم بفعل البعض الآخر، وإذا اعتددت بالوجوب الساقط فى الفعل فلِمَ لا تعتد بالوجوب الساقط فى الذم فلا يكون إلى قوله بوجه ما حاجة وكذلك الموسع. وللقاضى أن يقول: ترك أحدنا الكفاية متردد بين أن يترك غيره فيذم وأن لا يترك فلا يذم وهذا الترك بحاله لم يتغير وقد تغير خارجى بخلاف ترك النائم فإن عدم النوم تقديرى ولا يبقى حينئذ هذا الترك بحاله والمتغايران إذا أريد أحدهما لم يرد الآخر نقضًا عليه إذا عرفت معنى الواجب فمن أسمائه الفرض وهما مترادفان عند الجمهور وقالت الحنفية يفترقان بالظن والقطع فما ذكره إن كان ثبت بقطعى ففرض كقراءة القرآن فى الصلاة الثابتة بقوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠] وإن ثبت بظنى فهو الواجب نحو تعيين الفاتحة الثابت بقوله: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" وهو آحاد ونفى الفضيلة محتمل ظاهر والنزاع لفظى.
قوله:(والواجب الفعل) إشارة إلى أن ما وقع فى عبارة البعض من أن الواجب والمندوب ونحوهما أقسام للحكم ليس على ظاهره.
قوله:(خطاب بطلب فعل) قد تقدم أن الوجوب طلب فعل وأن الطلب نفس الخطاب وكأنه أراد أنه خطاب بطريق أن يكون طلبًا لفعل.
قوله:(فيستلزم العقاب) قد ذهب بعض المتكلمين إلى أن الخلف فى الوعيد جائز دون الوعد.
قوله:(بما يشك فيه) يحتمل أن يريد الواجب الذى يشك بل يظن أو يعتقد أنه غير واجب؛ فلا يخاف تاركه العقاب فيصدق المحدود بدون الحدّ فيبطل انعكاسه، وأن يريد غير الواجب الذى يشك أو يظن أو يعتقد أنه واجب فيخلف تاركه العقاب فيوجد الحدّ بدون المحدود فيبطل اطراده؛ إلا أن المصنف لما اقتصر على ذكر الشك الذى هو أدنى ليعلم الحكم فى الظن والاعتقاد بطريق الأولى ذهب