سقوط وجوب مثل صلاة النائم بسبب فلا حاجة إلى زيادة قيد: بوجه ما لأنه حينئذ يقال: إن الواجب على الكفاية إنما لا يذم تاركه؛ لأن الوجوب سقط بفعل البعض، وكذا فى الموسع ولا يخفى أن هذه مجمجة فى الكلام؛ لأن ما سقط وجوبه إما واجب يجب إدراجه، أو غير واجب يجب إخراجه، ويعود المحذور، ولما كان من دأب الشارح المحقق الفحص عن الدقائق، والتقصى عن المضايق أعمل الحيلة فى توجيه المقام، وأظهر الزينة لتمويه الكلام، وجعل ضمير "يسقط" لوجوب الذم على معنى أن تارك الكفاية يستوجب الذم، وكذا تارك الموسع فى أول الوقت؛ لكن يسقط وجوب ذمهما فى الكفاية بفعل البعض الآخر من المكلفين، وفى الموسع بفعله فى البعض الآخر من أجزاء الوقت، وكما لا يخرج مثل صلاة النائم بسقوط الوجوب عن كونه واجبًا لا يخرج تارك مثل الكفاية بسقوط وجوب ذمه عن كونه مستوجبًا للذم فيدخل فى الحدّ وإن لم يقيد بقوله: بوجه ما هذا والكلام فى أن ذمه على من يجب وبماذا يجب.
قوله:(وللقاضى) قد سبق أن وجه ورود صلاة النائم والناسى والمسافر على طرد حد القاضى، وهو أن تاركها يستحق الذم على تقدير عدم النوم والنسيان والسفر؛ لا على تقدير ترك القضاء بعد زوال العذر، لما أن هذا لا يكون ذمًا لتارك الصلاة فى تلك الأحوال؛ بل لتارك القضاء، فعلى هذا يتوجه للقاضى أن يقول: المراد بالترك هو الترك الذى يبقى بحاله عند الوجه الذى يلحق فيه الذم؛ كما فى ترك زيد صلاة الجنازة مثلًا فإنه بحالة من غير تغير سواء تركها عمرو أو لم يترك، وإنما يقع التغيير فى الأمر الخارجى الذى هو ترك عمرو مثلًا فإنه قد يتحقق وقد لا يتحقق؛ بخلاف ترك النائم فإنه على التقدير الذى يلزمه الذم وهو عدم النوم لا يبقى بحاله لأنه لا يكون حينئذ ترك النائم وكذا فى النسيان والسفر فلا يصدق أنه يذم تاركه على تقدير يتحقق معه هذا الترك.
قوله:(والنزاع لفظى) عائد إلى التسمية، فنحن نجعل اللفظين اسمًا لمعنى واحد، تتفاوت أفراده، وهم يخصون كلًا منهما يقسم من ذلك المعنى ويجعلونه اسمًا له، وقد يتوهم أن من جعلهما مترادفين جعل خبر الواحد الظنى؛ بل القياس المبنى عليه فى مرتبة الكتاب القطعى حيث جعل مدلولهما واحدًا وهو غلط ظاهر.