الذم بالمعنى اللغوى أعنى الثبوت وإن وإن بعيدًا جدًا, ولو لم يتعرض فى الذم للوجوب وجعل الضمير المستتر فى لفظ يسقط المذكور فى المتن ثانيًا راجعًا إلى الذم لا إلى وجوبه لكان أولى وحينئذ يقال وإذا اعتددت بالوجوب الساقط فى الفعل لأجل العذر حتى جعلته من أفراد الواجب فلا ينقدح تعريفه بدخوله فيه فلِمَ لم يقيد الذم الساقط على ترك فرض الكفاية بإتيان الغير فيصدق عليه حينئذ أنه يذم تاركه ويندرج فى الحد ولا حاجة فى ذلك إلى قوله: بوجه ما وكذا الحال فى الموسع فالقيد مستدرك هذا غاية ما يوجه به كلام المتن وقد وقع فى بعض نسخ الشرح هكذا وكذلك يقال: الوجوب يسقط بفعل البعض فإذا اعتددت بالوجوب الساقط بالعذر فلِمَ لا يعتد بالوجوب الساقط بفعل البعض فلا يكون إلى قوله: بوجه ما حاجة كأن هذه العبارة وقعت فى الأصل أولًا ثم غيرت لأن المراد بالوجوب فى قوله: الوجوب يسقط بفعل البعض إن كان وجوب الذم فالمعنى واحد والعبارة الثانية ظاهرة الدلالة عليه فتكون أسد وأولى وإن كان وجوب الفعل أعنى فرض الكفاية لم يكن هذا اعتراضًا على القاضى بل بقوله: كما لا يخفى.
قوله:(وللقاضى أن يتقول. . . إلخ) إذا ترك واحد فهناك ترك مخصوص وتارك موصوف به فالتارك تارك للواجب بذلك الترك المخصوص والذم إنما يلحقه بسببه فإذا قلنا: الواجب ما يذم تاركه فالمعنى ما يذم تاركه بسبب ذلك الترك الذى هو تارك له به وتارك الكفاية يذم فى الجملة بسبب تركه الذى هو تارك الكفاية بذلك الترك لأن تركه الكفاية ترك واحد لا يتغير فى نفسه بإتيان الغير وعدمه وإذا لم يأت به غيره لحقه الذم بذلك الترك وإن أتى به لم يلحقه فهناك ترك واحد يلحق بسببه الذم على وجه دون وجه فلو لم يقيد الحد بقوله: بوجه ما لتبادر منه العموم إلى الفهم وخرج الكفاية فإذا قيد دخل قطعًا وأما التارك الذى هو النائم فإن تركه فى حال النوم مغاير لتركه حال عدمه ولا يلحق بسبب الترك الأول ذم أصلًا فلا يصدق على صلاته أنه فعل يذم تاركه بسبب ذلك الترك الذى هو تارك له به بل يصدق عليها أنه يذم تاركها بترك آخر وهو الترك الحاصل عند عدم العذر فعلم أن ترك الكفاية وترك النائم أمران متغايران بالوجه المذكور أعنى التغير وعدمه فإذا أريد إدخال أحدهما أعنى غير المتغير فى تعريف بزيادة قيد يناسبه فقط لم يرد الآخر أعنى المغير نقضًا على ذلك التعريف بوساطة ذلك القيد الذى لا يناسبه إذ ما عداه