للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنه لا يجوز الإخلال بجميعها ولا يجب الإتيان به وللمكلف أن يختار أيًا كان وهو بعينه مذهب الفقهاء لكنه ينافى ما ذهب إليه بعض المعتزلة من أنه يثاب ويعاقب على كل واحد، ولو أتى بواحد سقط عنه الباقى بناء على أن الواجب قد يسقط بدون الأداء وإن كان جمهورهم على خلاف ذلك قال الإمام فى البرهان إن أبا هاشم اعترف بأن تارك خصال الكفارة لا يأثم إثم من ترك واجبات ومن أتى بها جميعًا لم يثب ثواب واجبات لوقوع الامتثال بواحدة.

قوله: (ثم النص دل عليه) أى على وجوب واحد من الأمور ونحن قاطعون بأنه جائز فيجب العمل عليه لأن الصرف عن المدلول إنما يكون عند امتناعه وليس المراد أن النص يدل على الجواز فيجب العمل عليه لأنه لا معنى لمثل هذا الكلام قال الشارح العلامة: فإن قيل الواحد الجنسى بما هو واحد إنما يتصور وجوده فى الأذهان لا فى الأعيان فيستحيل طلبه قلنا يستحيل طلبه دون الأفراد لأن فى ضمنها لجواز طلب المشترك فى ضمن الأفراد وأجاب فى المنتهى بأن المطلوب هو الواحد الوجودى الجزئى باعتبار مطابقته للحقيقة الذهنية لا باعتبار ما كان جزئيًا ورده العلامة بأنه ينافى كون الواجب هو المشترك.

قوله: (وهو يرفع حقيقة الوجوب) لاستلزامه جواز ترك كل مطلقًا من غير إثم إذ للمكلف أن يختار غير الواجب لمكان التخيير ويتركه لعدم الوجوب.

قوله: (وأما ثانيًا فبالحل) حاصله أن كلًا من الواجب والمخير فيه أحد الأمور، لكن ما صدق عليه أحد الأمور فى الواجب مبهم وفى المخير معين إذ الوجوب لم يتعلق بمعين والتخيير لم يقع فى مبهم وإلا لجاز تركه وهو بترك الكل بل فى كل معين من المعينات وتعدد ما صدق عليه مفهوم أحد المعينات عند تعلق الوجوب، والتخيير ينفى اتحاد متعلقى الوجوب والتخيير بحسب الذات كما إذا أوجب أحد الأمرين المعينين وحرم أحد ذينك الأمرين فإن كلًا من الواجب والحرام أحد الأمرين ولا يلزم منه ارتفاع حقيقة الوجوب والحرمة؛ لأن تعدد ما صدق عليه أحد الأمرين عند تعلق الوجوب والحرمة ينفى اتحاد متعلقيهما وإذا لم يتحد متعلق الوجوب والتخيير بالذات وكان التخيير بين واجب هو أحد المعينات من حيث إنه أحدها مبهمًا وبين غير واجب هو أحدها على التعيين من حيث التعيين لم يلزم منه ارتفاع حقيقة الوجوب؛ لأن هذا لا يوجب جواز ترك كل المعينات على

<<  <  ج: ص:  >  >>