للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبق إلا القول بوجوب أحدهما لا بعينه؛ إذ ليس هناك إلا المجموع والبعض المعين والبعض المبهم؛ فإذا بطل الأولان تعين الثالث.

قوله: (للمعتزلة فى نفى التخيير) أى: على الوجه المذكور المختار عندنا لا نفيه مطلقًا ولعله أورد هذه العبارة تنبيهًا على أن مآل مذهبهم نفى التخيير؛ أما على القول بالتعيين فظاهر وأما على القول بوجوب الكل فكذلك أيضًا لأن الوجوب إذا تعلق بكل واحد معًا فليس فى الإيجاب تخيير، وأما سقوط الباقى بفعل بعض فليس معنى التخيير ولا يذهب عليك أن الدليلين الأولين لو تما لدلا على بطلان إيجاب واحد مبهم، ولا يلزم منه خصوصية أحد مذاهب المعتزلة فإن كان المراد بهما إبطال مذهب الخصم أوّلًا حتى يثبت بعده ما يختار بدليل آخر مبالغة فى إثباته؛ فهما متركان بين المعتزلة بأسرهم يستدل بهما كل صاحب مذهب منهم على إبطال مذهب الخصم، ثم يلتجئ إلى دليل خاص بمذهبه فالقائل بوجوب الجميع إلى الدليل الثالث، والقائل بوجوب معين لا يختلف إلى الرابع، والقائل بوجوب المعين المختلف إلى الخامس، كما ستقف عليهما، وإن أريد بهما إثبات مذهب من مذاهبهم فلا بد أن يضم إلى كل واحد منهما ما يدل معه على ثبوته، مثلًا القائل بوجوب الكل يضم إليه ما أبطلنا به التعيين وبالعكس؛ ثم فى إثبات أحد مذهبى التعيين يحتاج إلى ما يبطل به الآخر وفيه تكلف؛ فالحق هو الأول كما أشير إليه فى الشرح بقوله: للمعتزلة فى نفى التخيير بل وفى المتن أيضًا حيث نسبهما إلى المعتزلة بأسرهم ولا يجتمعان إلا فى نفى مذهب من قال بوجوب الواحد المبهم، وليس فى شئ منهما ما يشعر بخصوص أحد مذاهبهم، وأما الضمير فى قوله ثالثًا قالوا وما بعده فهو راجع إلى بعض مبهم بحسب إشعار الدليل.

قوله: (إذ علم المكلف والمكلف بما به التكليف ضرورى) إن أريد بالضرورى ما يقابل النظرى فهو فى علم الكلف ظاهر؛ لأنا نعلم بالضرورة أن المكلف بشئ لا بد أن يكون عالمًا به وإلا امتنع تكليفه به، وأما فى علم المكلف فلا بل هو ثابت بدليل امتناع تكليف الغافل اللهم إلا أن يقال المعتزلة يدعون أن العلم يكون المكلف عالمًا بما كلف به ضرورى لقبح تكليف غير العالم به ضرورة فإن أريد به القطعى فلا غبار عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>