بترك غسل جزء من الرأس وأيضًا لو استلزم لصح قول الكعبى فى نفى المباح لأن فعل الواجب وهو ترك الحرام لا يتم إلا به فيجب وأنه باطل إجماعًا وأيضًا لو استلزم لوجبت نية المقدمة والتالى باطل بالاتفاق.
قالوا: لو لم يجب لصح الأكل دونه ولا يصح لأن المفروض الامتناع دونه، وأيضًا: لو لم يجب لما كان التوصل إلى الواجب واجبًا والتوكل إلى الواجب واجب بالإجماع.
الجواب عنهما: أن قولك فى نفى اللازمين لا يصح الأصل بدونه والتوصل واجب إن أردت به أنه لا بد منه فمسلم لكنه غير محل النزاع وإن أردت به أنه مأمور به شرعًا فهو ممنوع وهو المدعى فأين دليله.
فإن قال: الإجماع على وجوب التوصل شرعًا فإن تحصيل أسباب الواجب واجب كحز الرقبة فى القتل وأسباب الحرام حرام وما ذلك إلا لأنها وسيلة.
فالجواب: لا نسلم الإجماع وإن سلم فهو فى الأسباب خاصة لدليل خارجى لا لأنها وسيلة فلا يدل على وجوب التوكل مطلقًا.
قوله:(الاتفاق على أن الوجوب) قد فسر الواجب المطلق بما يجب فى كل وقت وعلى كل حال فنوقض بالصلاة فزيد فى كل وقت قدره الشارع فنوقض بصلاة الحائض تزيد إلا لمانع وهذا لا يشمل غير المؤقتات ولا مثل الحج والزكاة فى إيجاب ما يتوقف عليه من الشروط والمقدمات؛ فأشار المحقق إلى أن المراد الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى تلك المقدمة حتى إن الزكاة بالنسبة إلى تحصيل النصاب مقيد فلا يجب، وإلى تعينه وإفرازه مطلق فيجب ثم لا خلاف فى إيجاب الأسباب، فالأمر بالقتل أمر بضرب السيف مثلًا والأمر بالإشباع أمر بالإطعام إنما الخلاف فى غيره وتقريره على ما ذكره القوم ظاهر؛ لأنهم يريدون بما لا يتم الواجب إلا به ما يتوقف عليه وجوده شرعًا أو عقلًا أو عادة ويحترزون بالمقدورية عما لا يكون فى وسع المكلف كتحصيل القدم فى القيام وكعدد الأربعين فى الجمعة ونحو ذلك ويعنون بالشرط ما جعله الشارع شرطًا لذلك وإن كان يتصوّر وجوب ذلك الفعل بدونه كالطهارة للصلاة؛ إلا أن المصنف كأنه يعتقد أن الواجب بالنسبة إلى الأمور التى يلزم فعلها عقلًا أو عادة ليس واجبًا قطعًا إذ لا يجاب مقيد