الحال فعدل عنه المحقق إلى ما يقتضيه قوة نظره واستقامة فكره وهو أن عدم الامتناع أو استواء الطرفين كان فيما سبق باعتبار حكم الشرع أو نفس الأمر ومنهيًا باعتبار نفس القائل وموجب إدراكه وإلى هذا أشار بقوله فى النفس فالجائز على هذا يطلق على ما استوى طرفاه شرعًا أو عقلًا عند المخبر بجوازه وبالنظر إلى عقله وإن كان أحدهما فى نفس الأمر واجبًا أو راجحًا، وعلى ما لا يمتنع عنده فى حكم الشرع أو العقل وإن كان فى نفس الأمر ممتنعًا شرعًا أو عقلًا، وهذا هو المسمى بالمحتمل، فالمحتمل على ما فهموا هو ما شككت وترددت فى أنه متساوى الطرفين أو ليس بممتنع الوجود فى نفس الأمر أو فى حكم الشرع وعلى ما ذكره المحقق ما حصل فى عقلك أنه متساوى الطرفين أو غير ممتنع الوجود فى نفس الأمر أو فى حكم الشرع ولا خفاء فى أن ما لا يمتنع فى النفس ولا يجزم بعدمه شامل للقطعى والظنى مع أن شيئًا منهما لا يسمى مشكوكًا لظهور أنا إذا قلنا بعد إثبات اشتراط النية فى الوضوء بعد فيه شك لا نعنى أن الاشتراط مشكوك فيه بل عدم الاشتراط فالمراد أن المشكوك فيه يطلق على ما لا يمتنع فى النفس ولا يجزم بعدمه إذا كان جانب وجوده راجحًا فقوله كما فى النقليات مثال لإطلاق الشك على الاحتمال وعدم الامتناع فى النفس وقوله:"كذلك" يقال إشارة إلى ما سبق من أنه كما يقال للمشكوك لما استوى يقال لما يمتنع يعنى أنه قد يقال: هذا الحكم جائز والمراد أنه متساوى الطرفين أو لا يمتنع أن لا يجزم بعدمه ولا خفاء فى أنه لو قال: فكذلك بالفاء لكان أظهر.
المصنف:(يطلق الجائز على المباح) هذا هو المقصود؛ لأنه المسألة المتعلقة بالمباح وما ذكر بعده لتتميم الإطلاقات الجائزة.
المصنف:(أو عقلًا) أى يطلق الجائز على ما لا يمتنع عقلًا وكان الأولى أن يقول: وعلى ما لا يمتنع عقلًا إلا أنه اختصر أو فيه لتنويع الخلاف لا لأحد الأمرين وقوله: "وعلى ما استوى الأمران فيه" أى شرعًا أو عقلًا أى استوى فى أحدهما وهو أعم من المباح؛ لأنه ما استوى فيه الأمران شرعًا فقط فالمعانى غير المباح على هذا ثلاثة، ثالثها: استواء الأمرين شرعًا أو عقلًا ثم إن ما لا يمتنع شرعًا أعم من المعنى الأول للجائز وهو المباح وأخص مما لا يمتنع عقلًا.