للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (مسألة: المباح غير مأمور به خلافًا للكعبى، لنا أن الأمر طلب يستلزم الترجيح ولا ترجيح. قال: كل مباح ترك حرام، وترك الحرام واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وتؤول الإجماع على ذات الفعل، لا بالنظر إلى ما يستلزم جمعًا بين الأدلة، وأجيب بجوابين: الأول: أنه غير متعين لذلك، فليس بواجب، وفيه تسليم أن الواجب واحد، فما فعل فهو واجب قطعًا.

الثانى: إلزامه أن الصلاة حرام إذا ترك بها واجب، وهو يلزمه باعتبار الجهتين، ولا مخلص إلا بأن ما لا يتم الواجب إلا به من عقلى أو عادى فليس بواجب، وقول الأستاذ الإباحة تكليف بعيد).

أقول: اختلف فى المباح، هل هو مأمور به؟ فنفاه الجمهور خلافًا للكعبى، لنا أن الأمر طلب، وهو يستلزم ترجيح المأمور به على مقابله، والمباح لا ترجيح فيه لتساوى طرفيه فلا يكون مأمورًا به، احتج الكعبى بأن كل مباح ترك حرام فإن المسكوت ترك للقذف والسكون ترك للقتل، وكل ترك حرام واجب، فالمباح واجب، وبهذا يتم دليله، فقوله: وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كأنه جواب لسؤال، وهو أنه ليس ترك الحرام نفس فعل المباح غايته أنه لا يحصل إلا به، فأجاب بأنه لا يضرنا فإنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وبه يتم دليلنا، وألزم بأن هذا الدليل والدعوى فى مصادمة الإجماع فلا يسمع؛ وذلك للإجماع على أن الفعل ينقسم إلى مباح وواجب، ولا شئ من المباح بواجب، فأجاب: بأن دليلنا قطعي فيجب تأوّل الإجماع بذات الفعل من غير نظر إلى ما يستلزمه من ترك الحرام جمعًا بين الأدلة، ولا يمتنع كون الشئ مباحًا لذاته واجبًا لما يستلزمه كما يكون الشئ واجبًا حرامًا باعتبارين، وقد أجيب عن دليله بجوابين:

الأول: لا نسلم أنه لا يتم الواجب إلا به، وذلك أنه غير معين لذلك لإمكان الترك بغيره وهو ضعيف، لأن فيه تسليم أن الواجب أحدها لا بعينه، فما يعمل فهو واجب قطعًا، غاية ما فى الباب أنه واجب غير لا معين، وهو لم يدع إلا أصل الوجوب.

الثانى: أنه يلزمك أن تكون الصلاة حرامًا إذا ترك بها واجب لأنه سبب الحرام، وسبب الحرام حرام، وهو أيضًا ضعيف فإن له أن يلتزمه باعتبار الجهتين،

<<  <  ج: ص:  >  >>