والحق أنه لا يلزم الأشعرى التكليف بالمحال لأن القدرة إنما تجب فى زمن الإيقاع حتى يتحقق الامتثال لا زمن التكليف فلم يكن التكليف بما هو غير مقدور حال الإيقاع والتكليف عنده لا يتعلق إلا بالكسب لا بالإيجاد على أن الكلام فى المستحيل لذاته وليس فى كلام الأشعرى ما يؤخذ منه جوازه أصلًا.
الشارح:(وإن ظن قوم أنه ممتنع لغيره) أى ظن قوم أن ما تعلق علم اللَّه بأنه لا يقع ممتنع ومستحيل لغير ذاته مع أنه ليس محالًا كما قاله الغزالى وطائفة من المحققين بل هو ممكن مقطوع بعدم وقوعه لأن كل ممكن عادة فهو ممكن عقلًا ولا عكس، وفيه أن الوصف بالمحالية التى لا تجامع الإمكان هو الوصف بالمحالية الذاتية وليست هى المرادة فى قولهم: محال لغيره غايته أن إطلاق المحال على الممكن الذى منع من أحد طرفيه مانع مجاز والتقييد بقولهم: لغيره قرينة ذلك إلا أن يقال لا يطلق المحال اصطلاحًا إلا على المحال عقلًا أو عادة نظرًا لذات الشئ.
قوله:(سواء امتنع لا لنفس مفهومه. . . إلخ) وإنما لم يكن مستحيلًا لذاته لعدم ترتب محال عليه لأنه لو تعلقت به القدرة الحادثة لا يكون محلها شريكًا لأنه مخلوق وفى تكليفه ذلك فالاستحالة عادية فقط.
قوله:(أم لم يمتنع) أى بأن يكون من جنس ما تتعلق به القدرة لكن يكون من نوع أو صنف لم تجر العادة بتعلق القدرة الحادثة به كحمل الجبل والطيران إلى السماء.
قوله:(فمنهم من قال. . . إلخ) يفيد أن فيه خلافًا أيضًا وهو كذلك هكذا قال السيد -قدس سره- فى شرح المواقف اعتراضًا على صاحب المواقف فى قوله إن النزاع ليس فى المستحيل لذاته وأن ذكر الدليل الذى يتعلق به ذكر للشئ فى غير محله لأنه لا نزاع فيه.
قوله:(إنما يتصور إما منفيًا. . . إلخ) أى إنما يتصور على أحد وجهين إما منفيًا. . . إلخ.
قوله:(يشير إلى أن الصحيح. . . إلخ) أى أن قوله وإن ظن قوم أنه ممتنع لغيره المفيد أن الحق أنه ليس محالًا فيه إشارة إلى أن الصحيح استناد الكل إليه بطريق الاختيار من غير أن يتأدى إلى وجوب أو امتناع فمع تعلق علم اللَّه بوقوعه لا