السامع يقضى بإمكان إيمان زيد غير ناظر إلى هذا الشرط وهذا لا يخالف فيه الإمام ولا غيره وهو ما سبق نقل الإجماع عليه، وسمعت من يقول: موضع الإجماع أولًا هو هذه المسألة ولكن نسب المخالفين فيها إلى خرق إجماع سابق عليهم وهذا ليس بشئ فإنه مع لزومه تكرر مسألة واحدة فى غير غرض فيه نسبة إمام الحرمين إلى خرق الإجماع ولن يجترئ المصنف ولا أجلَّ منه على ذلك وإنما الصواب ما ذكرناه على أن المسألة لا يترجمها أئمتنا بما ترجمها المصنف وإنما هى مترجمة عندهم بما جعله المصنف فائدة لهذه وهو أنه هل يعلم المأمور كونه مأمورًا فى أول وقت يوجه الخطاب إليه، أو لا يعلم ذلك حتى يمضى عليه زمن الإمكان، لأن الإمكان شرط التكليف والجاهل بوقوع الشرط جاهل بوقوع المشروط، قال أصحابنا بالأول وقال المعتزلة بالثانى واختاره إمام الحرمين، فهو فى الحقيقة اختلاف فى زمن تحقق الوجوب على المكلف لا فى صحة التكليف وعدمها ولكن عبارة المصنف قاصرة فالفعل الممكن بذاته إذا أمر اللَّه تعالى عبده به فسمع الأمر فى زمن ثم فهمه فى زمن يليه هل يعلم العبد إذ ذاك أنه مأمور مع أن من المحتمل أن يقطعه عن الفعل قاطع عجز أو موت أو نحوهما ويكون شاكًا فى ذلك أو لا؟ أصحابنا على الأول فيرون تحققًا مستفادًا من صيغة الأمر وإنما الشك فى رافع برفع المستقر، والقوم على العكس وربما أثر هذا الخلاف فى النية فيلزم القوم أن لا يوجد نية جازمة لحصول الشك فلا يصح لهم عمل. اهـ. وما أجاب به عن المصنف لا ينهض مع قول المصنف فى الاستدلال: لو لم يصح لم يعص أحد أبدًا لأنه لم يحصل شرط وقوعه من إرادة قديمة أو حادثة إذ مقتضاه أنه لا يفرق بين ما يتبادر الذهن إلى فهمه وما لا يتبادر.
الشارح:(فلأنه مع الفعل) أى مع مباشرته وقوله: أو بعده أى بعد وقته المقدر للفعل يدل على ذلك قوله الآتى: فإنا نفرضه زمنًا زمنًا وبهذا اندفع اعتراض المحشى بأن قول الشارح: سواء فعل أو عصى زيادة أخذها من كلام المنتهى لا معنى لها.
قوله:(والمنكر معاند) هذه القولة مكررة مع القوله اللاحقة فى نسخ الطبع والصواب إسقاطها من هنا.
قوله:(فأشار المصنف إلى أن الأصل. . . إلخ) لأنه على كلام الآمدى يكون