للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: إنها مكتوبة بخط المصحف مع المبالغة فى توصيتهم بتجريد القرآن عما سواه حتى لم يثبتوا آمين، ومنع قوم العجم، وأيضًا قال ابن عباس فى شأن البسملة: سرق الشيطان من الناس آية.

والجواب عنهما: أنه لا يفيد قطعًا وهو ظاهر، ولا ظنًا لأنه فى مقابلة القاطع والظنى يضمحل إذا قابله القطع، وربما يقال: الأول منهما قطعى لأن العادة تقضى فى مثله بعدم الاتفاق فكان لا يكتبها بعض أو ينكر على كاتبها ولو نادرًا، وقد قيل على قولنا العادة تقضى بتواتر تفاصيل مثله لا نسلم ذلك نعم يشترط تواتر مثله فى محل ما وأما تواتره بعينه فى الحل المخصوص فلا وهذا ضعيف لأنه يستلزم جواز سقوط كثير من القرآن مما ثبت فى محل ولم يتواتر اكتفاءً بذلك عن تواتره فى المحل وأيضًا يستلزم جواز كون بعض القرآن المكرر قد أثبت مع أنه ليس بقرآن فى المحل مثل: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات: ١٥]، {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٣]، لأنه تواتر فى محل فجوز نقله فى غيره مكررًا لا يقال جواز العدم لا يمنع الوقوع والوقوع لا يوجب الوجوب فيقال إنه اتفق تواتر ذلك المكرر مع أنه لو لم يتواتر كان جائزًا لأنا نقول لو قطع النظر عن ذلك الأصل وهو وجوب تواتر تفاصيل مثله لا حصل الجزم بانتفاء السقوط لأن عدم السقوط مما لا يتصور اتفاق تواتره كما فى الإثبات لكنا نقطع بذلك بحيث لا نقبل التشكيك وأيضًا فالدليل ناهض وجوب تواتر تفاصيل مثله مما تتوفر الدواعى على نقله وسيأتى، وأيضًا فيلزم جواز ذلك فى المستقبل ونحن نعلم بطلانه بالضرورة فإن من أخذ يلحق بالمصحف آيات مكررة مما يثبت مثله ويسقط بعض المكرر عد مجنونًا أو زنديقًا، وربما يقال: لو شرط تواتره فى المحل دون تواتر كونه قرآنًا فيه لم يلزم ما ذكر، وأيضًا فهذا لا ينفى قول من قال: إنها آية نزلت، وأمر بالفصل بها بين السور لا أنها آية من كل سورة فهى آية لا مائة وثلاث عشرة آية وهو قريب وما يروى من قول الشافعى أنها آية فى الفاتحة والخلاف فى غيرها فيه تحكم.

قوله: (وقوة الشبهة) يعنى على زعم الخصم وإلا فعند المصنِّف أن دليل كونها ليست فى أوائل السور من القرآن قطعى ومخالفة القطعى إنما تكون كفرًا إذا لم تستند إلى شبهة قوية، فإن قيل أدنى درجات الشبهة القوية أن تورث شكًا أو وهمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>