للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١]، معناه من كان يؤمن باللَّه فله فيه أسوة حسنة، ويستلزم أن من ليس له فيه أسوة حسنة فهو لا يؤمن باللَّه، وملزوم الحرام حرام، ولازم الواجب واجب، وأيضًا فهو مبالغة فى التهديد على عدم الأسوة فتكون الاسوة واجبة.

الجواب: أن معنى التأسى إيقاع الفعل على الوجه الذى فعله، فيتوقف إثبات الوجوب علينا على العلم بالوجوب عليه وهو خلاف المفروض.

قالوا: رابعًا: جاء فى الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام خلع نعله فى الصلاة فخلعوا، فسألهم عن ذلك؟ فقالوا: "خلعت فخلعنا"، فأقرهم على ذلك وأخبرهم أن جبريل عليه الصلاة والسلام أخبره أن فى نعله أذًى أى نجاسة (*)، ولولا وجوب الاتباع لأنكر عليهم ذلك.

الجواب: الوجوب لم يستفد من فعله بل لأنه من هيئات الصلاة، وقد قال: "صلوا كما رأيتمونى أصلى" أو لأنهم فهموا منه القربة وإلا لحرم فى الصلاة أو كره فرأوه ندبًا لا واجبًا.

قالوا: خامسًا: لما أمرهم بالتمتع بالعمرة إلى الحج ولم يتمتع هو لم يتمتعوا فقد تمسكوا فى ذلك بفعله، وإلا لعصوا ثم لم ينكر عليهم ذلك وبين لهم العلة فى عدم الفعل مما يختص به، فقال: "لو استقبلت ما استدبرت من أمرى لما سقت الهدى" أى لولا أن معى الهدى لأحللت، ولكن لا يحل حرام حتى يبلغ الهدى محله، فدل ذلك على وجوب اتباعه.

الجواب: أن وجوب المتابعة لم يستفد من فعله فقط، بل من قوله: "خذوا عنى مناسككم" أو لأنهم فهموا القربة فرأوه ندبًا لا واجبًا.

قالوا: سادسًا: لما اختلف الصحابة رضى اللَّه عنهم فى وجوب الغسل عند إدخال قدر الحشفة من غير إنزال بعث عمر إلى عائشة يسألها عن ذلك فقالت: "فعلت أنا ورسول اللَّه فاغتسلنا" (**)، فأوجبوا الغسل بمجرد فعله.


(*) أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه (١/ ٣٨٤) (ح ٧٨٦)، والبيهقى فى الكبرى (١/ ١١٣) (ح ٣٨٨٦).
(**) أخرجه ابن حبان (٣/ ٤٥٨) (ح ١١٨٥)، والترمذى (١٠٨)، والبيهقى فى الكبرى (٧٤٦)، والدارقطنى (١/ ١١١) (ح ١)، وابن ماجه (٦٠٨)، والإمام أحمد فى مسنده (٦/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>