قال: (مسألة: الفعلان لا يتعارضان كصوم وأكل لجواز تحريم الأكل فى وقت والإباحة فى آخر إلا أن يدل دليل على وجوب تكرير الأول له أو لأمته فيكون الثانى ناسخًا، فإن كان معه قول ولا دليل على تكرر ولا تأس به والقول خاص به وتأخر فلا تعارض، فإن تقدَّم فالفعل ناسخ قبل التمكن عندنا، فإن كان خاصًا بنا فلا تعارض تقدَّم أو تأخر، وإن كان عامًا لنا وله فتقدم الفعل أو القول له وللأمة كما تقدَّم إلا أن يكون العام ظاهرًا فيه، فالفعل تخصيص كما سيأتى فإن دل الدليل على تكرر وتأس والقول خاص به فلا معارضة فى الأمة وفى حقه المتأخر ناسخ فإن جهل فثالثها المختار الوقف للتحكم، فإن كان خاصًا بنا فلا معارضة وفى الأمة المتأخر ناسخ فإن جهل فثالثها المختار، يعمل بالقول لأنه أقوى لوضعه لذلك ولخصوص الفعل بالمحسوس وللخلاف فيه ولإبطال القول به جملة، والجمع ولو بوجه أولى، قالوا الفعل أقوى لأنه يتبين به القول مثل:"صلوا"، "وخذوا عنى" وكخطوط الهندسة وغيرها. قلنا: القول أكثر، وإن سلم التساوى فيرجح بما ذكرناه، والوقف ضعيف للتعبد بخلاف الأول، فإن كان عامًا فالمتأخر ناسخ، فإن جهل فالثلاثة فإن دل دليل على تكرر فى حقه لا تأس والقول خاص به أو عام فلا معارضة فى الأمة، والمتأخر ناسخ فى حقه، فإن جهل فالثلاثة وإن كان خاصًا بالأمة فلا معارضة فإن دل الدليل على تأسى الأمة به دون تكرره فى حقه والقول خاص به وتأخر فلا معارضة فإن تقدَّم فالفعل ناسخ فى حقه، فإن جهل فالثلاثة، فإن كان القول عامًا فكما تقدم).
أقول: الفعلان لا يتعارضان وإن تناقض أحكامهما كصوم فى يوم معين وإفطار فى يوم آخر لاحتمال الوجوب فى وقت والجواز فى آخر، اللهم إلا أن يدل دليل على وجوب تكرير الأول له أو مطلقًا أو لأمته، ويدل الدليل على وجوب التأسى، فيكون الثانى نسخًا لحكم الدليل الدال على التكرار لا لحكم الفعل لعدم اقتضائه التكرار ورفع حكم قد وجد محال وقد يطلق النسخ والتخصيص على الفعل تجوزًا، وأما إذا كان مع فعله قول يعارضه فباعتبار دليل على تكرير الفعل وعلى وجوب تأسى الأمة به ينقسم إلى أربعة أقسام، وفى كل قسم فالقول إما أن يختص به أو بالأمة أو يشملهما، وعلى التقديرات فإما أن يتقدم الفعل أو يتأخر أو يُجهل الحال.