التجارة فاختلفوا، فمنهم من يوجب الزكاة بناء على حول الأصل، ومنهم من لا يوجبها. وقال الإسفراييني حكي عن ابن شريح أنه قال: بشر الصيارفة بأن لا زكاة عليهم. فدليلنا على أن الأثمان تنوب بعضها مناب بعض؛ لأن الغرض بها واحد، وهو التعامل بها، وأن تكون أثماناً للأشياء وقيماً للمتلفات، وإذا ثبت ذلك، وجب أن يقوم أحد الجنسين منها مقام الآخر، اعتباراً به إذا نض ثمنه من الجنس الذي ابتاعه به، بعلة نضوضه بجنس من أصول الأثمان، فيجب أن يزكى زكاة عين، واعتباراً به لو ابتاع العرض بدنانير، فأشبه قبض ثمنه آخر الحول مطيعية، أنه يزكيه زكاة عين.
[٥٦٧] مسألة: إذا قوم العروض أخرج عنها دراهم أو دنانير، ولم يجز أن يخرج منها، خلافاً للشافعي، في قوله: إنه يخرج منها؛ لأن الزكاة تجب في القيمة بدليل أن النصاب معتبر، وكل مال وجبت الزكاة فيه، فإذا لم يكن في الإخراج منه ضرر وجب الإخراج منه، كالذهب والفضة؛ ولأن كل ما لو كان معينا وجب الإخراج منه فإذا كان مبهما وجب الإخراج منه، أصله إذا كان معه دراهم أو دنانير فأخرجها.
[٥٦٨] مسألة: الزكاة تجب في قيمة العروض التي تراد للتجارة لا في أعيانها، وقال أبو حنيفة: تجب في عين مال التجارة، كالماشية ولكن يعتبر قيمته، فإذا بلغت نصابا وجب أخذ ربع عشر العرض منه، فدليلنا أن كل ما اعتبر النصاب به وجبت الزكاة فيه كأعيان الذهب والفضة والماشية، ولأن الزكاة تزيد بزيادة القيمة وتنقص بنقصانها، ولا تزيد بزيادة العرض ولا تنقص بنقصانه، فثبت أن الزكاة تتعلق بالعين الذي يختلف باختلافها، دون العرض الذي لا يختلف باختلافه،