[١٧٢٣] مسألة: التعريض بالقذف يوجب الحدّ، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا حد فيه؛ ودليلنا أنه لفظ يفهم منه القذف فوجب أن يكون قذفاً، أصله التصريح، فإن منعوا أنّه يفهم منه القذف أحالوا المسألة، لأنّ الخلاف فيما يفهم منه ما يفهم بالتصريح، فإذا لم يفهم ذلك فلا خلاف أنه لا حد فيه، ولا يكون تعريضاً كما لو قال له: يا زان، فقال له: أنعم الله صباحك، أو أنت سخي كريم، أو ما أشبه ذلك من الكلام الأجنبي عمّا هما فيه، ويبين ما قلنا أن عرف التخاطب ينفي ما قالوه، لأن أهل اللّغة يسمّون التعريض لما يفهم منه معنى التصريح وإن كان صريح هذا التعريض ضدّه، ولذلك أخبر الله تعالى عن قوم شعيب أنهم قالوا:"إنك لأنت الحليم الرشيد"، وأرادوا ضدّ ذلك، وهو الذي يفيد عرف التخاطب، لأنا إذا رأينا اثنين يتسابان وأحدهما يقاتل صاحبه ويطلب أن يزري عليه ولا يرضى بمقابلته على ما يورده إلا أن يبالغ فيه، فقال أحدهما للآخر: يا زان أو أن الأبعد ابن زانية، فقابله بأن قال: ما أنت بزان أو ما أمه إلا العفيفة التي لا يعلم أنها زنت ولا اكتسبت فاحشة، وشوهد في وجهه من الأمارات والعلامات ما يعلم معه أن هذه غرضه، أن هذه أدخل فيما رميت به الأخرى منهما، فيعقل ذلك من شاهد الحال كما يعقل الفرق بين قول القائل: أشهد أن لا إله إلا الله، اعتبارًا، وبين من يقولها تعظيمًا، وبين أن