بعد التحالف، والسلعة بعد التلف لا يتأتى فيها الفسخ ولا معنى للتحالف؛ ولأن التحالف سببٌ يثبت به الفسخ، فسقط بتلف المبيع، أصله الإقالة؛ ولأن العقد على الاعيان كالعقد على منافعها، وقد ثبت أن مدة الإجارة إذا انقضت، ثم تنازعا فيما عقدا به من المقدار، لم يتحالفا لتعذر الفسخ بعد تلف المنافع كذلك في المبيع؛ ولأن هلاك العين المستحق بذلها على الضمان يكون القول قول من تلف في يده لا مقدار ما يستحق بها، أصله الغصب؛ ولأنا لو أوجبنا التحالف لكنا قد أوجبنا على المشتري القيمة وربما كانت أضعافاً مما يدعيه البائع. ووجه اعتبار القبض وهو الصحيح أن اليمين في الأموال تجب على أقوى المتداعيين سبباً، والمشتري قد صار بالقبض أقوى سبباً من البائع؛ لأنه لما دفع إليه السلعة ائتمنه عليها إذا لم يتوثق منه، فوجب أن يكون القول قوله.
[بيع الحر على أنه عبد]
[٩٥٣] مسألة: إذا جاء رجلٌ بعبدٍ إلى رجل فقال: اشتره مني فإنه رقيقٌ لي، وأقر العبد بذلك، ثم بان له أنه حرٌ، فالضمان على البائع. وقال أبو حنيفة إن كان البائع حاضراً أو غائباً غيبةً يرجى عوده منها، فالضمان عليه وإن كان غائباً لا يرجى عوده فالضمان على العبد. فدليلنا أن ما وجد منه إن كان يتعلق به الضمان لم يفرق في الحكم بين الغيبة والحضور اعتباراً بسائر ما يضمن.
تم الباب والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمدٍ وسلم تسليما.