ولأنّ النذور محمولة على أصولها في الفروض، فما لا أصل له في الفروض لا يصير واجباً بالنذر، وقد اتفق على لزوم الاعتكاف بصوم مع النذر، فدلّ ذلك على أنّه إنّما لزمه لأنّه يتضمّن الصوم الذي له أصل في الوجوب، ولأنّه لبث في مكان مخصوص فلم يكن قربة في نفسه إلا بانضمام معنى آخر إليه هو قربة أصله الوقوف بعرفة.
[الاعتكاف إذا تخلله يوم الجمعة]
[٦٩٤] مسألة: إذا نذر اعتكاف أيام يتخلّلها يوم الجمعة لم يعتكف إلا في الجامع، فإن اعتكف في غيره ثم خرج إلى الجمعة انتقض اعتكافه، خلافاً لأبي حنيفة؛ لقوله عزّ وجل:{وأنتم عاكفون في المساجد}، وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اعتكف لا يخرج إلاّ لحاجة الإنسان، ولأنّه كان يمكنه الاحتراز من ذلك بأن يعتكف في المسجد الجامع، فإذا لم يفعل فقد قطع التتابع باختياره من غير عذر، فصار كما لو خرج لحاجة هو مستغن عنها.
[الخروج من المسجد أثناء الاعتكاف]
[٦٩٥] مسألة: إذا خرج من المسجد لغير حاجة بطل اعتكافه، أقام قليلاً أو كثيراً، وقال أبو يوسف ومحمد: إن أقام خارج المسجد أكثر النهار بطل اعتكافه، وإن أقام أقل النهار لم يبطل، فدليلنا ما قدّمناه، ولأنّه خرج من المسجد مع عدم الحاجة فأشبه إذا قام أكثر النهار.
[٦٩٦] مسألة: فإن خرج من المسجد لأكل طعام بطل اعتكافه،