[١٢٩٠] مسألة: فهل يفسد النكاح بفساد المهر، فيه روايتان: إحداهما أنه لا يفسد، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، والثانية أنه يفسد.
فوجه القول بأنه يفسد أن النكاح والمهر عقدان بدليل أنه يتأخر المهر عن العقد في المفوضة، وإذا كان كذلك ففساد أحد العقدين لا يوجب فساد الآخر، كالبيع والنكاح، ولأنه إذا عقد على خمر أو خنزير كان ذلك بمنزلة العقد بغير مهر أصلاً، لأن الخمر والخنزير لا يصلح تمليكهما أصلاً، فكان كمن لم يسم مهرًا أصلاً، وعدم تسمية المهر عند العقد لا تمنع صحته كالتفويض، ولأنه عقد لو صح المهر لصح، فوجب أن يصح وإن لم يصح المهر كالعقد على غير مغصوب.
ووجه القول بأنه يفسد العقد قوله تعالى:" أن تبتغوا بأموالكم "، فأخبر أن من شرط الإباحة أن يبتغيها بالمال، وهذا ابتغاء بغير مال، ولأنه عقد معاوضة فوجب متى حصل العوض فيه خمرًا أو خنزيرًا أن لا يصح العقد، كسائر عقود المعاوضات، ولأن العوض في النكاح آكد، بدليل أنه يجب لحق الله تعالى، فكان فساد العقد بفساده أولى منه في سائر العقود.
[مقدار أقل الصداق]
[١٢٩١] مسألة: أقل الصداق محدود بربع دينار أو ثلاثة دراهم، وقال الشافعي لا حد له؛ ودليلنا أنه عضو محرم تناوله من أجل حق الله تعالى إلا بمال، فوجب أن يكون أقل ذلك المال بمقدار، أصله قطع اليد في السرقة، ولأنه مال يستباح به العضو فوجب أن يكون لأقله تقدير في الشرع، أصله ما تقطع به اليد، ولأن المهر في النكاح حق لله تعالى، بدليل أنهما إذا تراضيا على إسقاطه لم يجز، فإذا ثبت ذلك وجب أن يكون مقدرًا كالزكوات والكفارات.