شهد منكم الشهر فليصمه}، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، وهذا قد رآه، ولأنه لما لزمه الصوم بشهادة غيره وهي مظنونة له، كان بأن يلزم برؤيته المتحققة أولى.
[٦٣٤] مسألة: وإذا رآه وحده ثم تعمد الفطر فعليه القضاء والكفارة. خلافاً لأبي حنيفة في قوله لا كفارة عليه، لحديث الأعرابي الذي جاء وهو ينتف شعره، ويلطم وجهه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ما شأنك؟) قال: وقعت على أهلي في رمضان فقال: (أعتق رقبة)، ولم يسأله أي يوم رأى هلال الشهر وحده أو فيما بعده؛ ولأنه يوم لزمه صومه على أنه من رمضان، فإذا تعمد الفطر فيه هاتكاً لحرمته لزمته الكفارة، كاليوم الثاني والثالث ولأن رؤيته معنى أوجب عليه صوم اليوم على أنه من رمضان، فكانت الكفارة متعلقة بالفطر فيه كشهادة الشهود؛ ولأن كل حكم لزمه في اليوم الذي يحكم الإمام بكونه من رمضان، فإنه يلزمه إذا انفرد برؤيته، أصله وجوب صومه والقضاء بالفطر فيه؛ ولأن الكفارة من أحكام الصوم وتابع له، فوجدنا الوجوب على صفة متساوية برؤية الهلال بنفسه وبحكم الحاكم به، فوجب أن يكون حكم الهتك متساويا، ولأن الفطر بالإثم يصحب الكفارة ولا ينفرد عنها، وقد ثبت أنه يأثم بهذا الفطر، فوجب أن تلزمه الكفارة؛ ولأن الفطر متعلق به شيئان: القضاء، والكفارة، ثم لا يخلو أن يكون على وجه العذر أو الهتك، ومع العذر لا كفارة، ومع الإثم الكفارة، فكان الإثم في باب ارتباطه بالكفارة،