موضعين، أحدهما في حكم الأوامر المطلقة هل هي على الفور أو التراخي، والآخر الكلام عن عين المسألة. فدليلنا على أنّ الأمر على الفور أنّ الأمر يقتضي إيقاع الفعل، ولا بد للفعل من زمان يقع فيه، وليس في اللّفظ ذكر لزمان معيّن، ووجدنا الأفعال تختلف أحكامها باختلاف أوقاتها، فيكون الفعل في وقت طاعة، وفي غيره معصية، وفي وقت قربة، وفي آخر مأثماً، لم يثبت له وقت إلاّ بدليل، واتفق على أنّ الوقت الأوْل بعد الأمر وقت له فسلّمناه للدليل، ولم يثبت ما عداه وقتاً إلا بدليل، ولأنّ العزيز إذا أمر عبده بشيء فلم يفعل حسن منه لومه وذمّه، والاعتذار إلى من يلومه بأنّه أمر فلم يفعل، ولا يحسن الردّ عليه بأن يقال له سيفعل في ثاني حال، فدلّ ذلك على أنّ الإطلاق يفيد التقديم ويمنع التأخير، ولا يمكن منع ذلك بأن يقال إنّه لا يحسن إلا فيما قارنته قرينة تفيد التعجيل، لأن ذلك يمنع التعلق بظاهر صيغته منه وموضوع بنية الأمر أو عموم أن وجوب أو أيّ شيء كان، وما أدّى إلى ذلك فباطل. ولأنّ الأمر لمّا اقتضى الإيقاع وكان الترك منافياً له، وجب فعله عقيب الأمر، ولأنّ تأخيره لو كان جائزاً لم يخل أن يكون إلى غاية، أوْ لا إلى غاية، وفي إثبات الغاية توقيت، وذلك خلاف مسألتنا، لأنّ كلامنا في العمل المطلق دون المؤقت، وفي نفي الغاية إحالة، لأنّ المكلّف إذا مات قبل الفعل فلا يخلو أن يكون مات آثماً أو غير آثم، وفي تأثيمه وجوب الجمع بين جواز الترك، والمعصية به، وأن يحظر الله على المكلف ترك الفعل في