وبين أبي حنيفة في بيع لحم الغنم بغيره من ذوات الأربع متفاضلاً، فجوزوه ومنعناه. فدليلنا قوله عز وجل:{وحرم الربا}. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: الطعام بالطعام مثلاً بمثل. ولأنه من بهيمة الأنعام فلم يجز بيعه بما شاركه في هذا الوصف متفاضلاً، أصله إذا بيع بنوعه، ولأن جنس ذوات الأربع لا يجوز التفاضل في لحمه بعضه ببعض كما لو كان من نوعه. ودليلنا على بطلان القول بأنه صنف، قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم. والجنسية هاهنا المراد بها تباين المنافع والأغراض، وقد ثبت أن لحم السمك ليس من جنس لحم الإبل، لأنهما لا يتفقان في غرض ولا منفعة، ولا يؤكل أحدهما على الوجه الذي يؤكل عليه الآخر، فيجب أن يكونا جنسين؛ ولأن لحوم السمك طعام لا يحتاج إلى ذكاته، فوجب أن يكون جنساً يفارق ما يحتاج إلى ذكاته كالعسل والخل.
[٨٦٨] مسألة: لا يجوز بيع الرطب بالتمر. خلافاً لأبي حنيفة لما روى سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن اشتراء التمر بالرطب، فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا نعم فنهى عنه، وروي فلا إذا وروى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تبيعوا التمر بالرطب وهذا نص. وروى سهل بن أبي حثمه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع التمر بالتمر وأرخص في العرية أن تباع بخرصها فيأكلها أهلها