يبيعها من بائعها نقداً بثمانين، وكذلك لو ابتاعها إلى أجلٍ لم يجز له أن يبيعها من بائعها إلى أجل بزيادة على المائة وأجاز الشافعي كل ذلك، ودليلنا أن هذه المسألة مبنيةٌ على الذرائع وهو الأمر الذي ظاهره الجواز إذا قويت التهمة في التطرق به إلى الممنوع، ووجه ذلك أن البائع دفع مائةً نقداً ليأخذ مائةً وخمسين إلى أجلٍ، فذكر السلعة والبيع لغوٌ، وهذا ذريعة إلى العينة. والقرض الجار نفعاً، فلم يجز، ويدل عليه حديث عائشة لما ذكرت لها أم ولد زيد بن أرقم أنها باعته جاريةً بثمانمائة درهمٍ إلى العطاء وأنها اشترتها بعد ذلك بستمائةٍ نقداً، فقالت بئس ما شريت واشتريت، أبلغي زيد بن أرقمٍ أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن لم يتب فقالت: ماذا أصنع؟ فقالت: قال الله تعالى: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف} ففيه، أدلة أحدها: أن القياس لا يدل على المنع فلم يبق إلا أن تكون صارت إليه توقيفاً أو للذريعة على ما قلناه. والثانية: أنها عدته رباً، وقد علم أنه ليس بربا، فلم يبق إلا أن يكون شرعاً. والثالث: إنها غلظت الأمر فيه تغليظاً لا يبلغ إلى مثله في مسائل الاجتهاد فكان الأغلب أن يكون للتوقيف عندها فيه.