بينهما وإذا وجب ذلك لم يبق إلا ما قلناه. ولا يلزم عليه العارية؛ لأن المستعير وإن كان قبضها لنفع نفسه، فإن المعير لما بذلها له وأباحه إياها بغير عوضٍ كان ذلك سبباً في ضمانها ولما كان المستعير قبضها لنفع نفسه، كان ذلك يقتضي الضمان، فلذلك كان لها حكم الرهن؛ لأنها قد أخذت شبهاً من الأمرين ولم يلزم عليه القراض لأن جل النفع فيه للمالك، وكذلك المستأجر ولا يدخل عليه الصناع وحمل الطعام؛ لأنه مخصوصٌ للضرورة والمصلحة. فإذا تقررت هذه النكتة ثبت ما قلنا، ثم نتكلم بعد هذا على فساد كل قول بأدلة تخصه. فدليلنا على أبي حنيفة قوله - صلى الله عليه وسلم -:" الرهن ممن رهنه" وهذا عامٌ. وقوله:" له غنمه وعليه غرمه" وهذا اعتبارٌ عن الهلاك؛ لأن الغرم إما أن يراد به الهلاك أو الحقان، وأي ذلك كان. فيجب أن يكون في جهة الراهن دون المرتهن. وعلى الشافعي، أن قبض الشيء لمنفعة القابض مؤثرٌ في تعلق الضمان بها كالبيع.
[٩٧٤] فصل: يضمن ما يضمن منه بقيمته، خلافاً لأبي حنيفة في قوله: بأقل الأمرين؛ لأن كل عينٍ ضمن تلفها فقيمتها كسائر المتلفات.
[٩٧٥] مسألة: يصح عقد الرهن قبل وجوب الحق، خلافاً للشافعي، لقوله عز وجل:{فرهان مقبوضة} ولم يفرق؛ ولأن المقصود من الرهن هو استيفاء الحق من ثمنه وقد ثبت أن ذلك يجوز أن يتعلق بصفة