[١٠٦٢] مسألة: إذا أعاره بقعة ليبني فيها أو يغرس فيها فقد لزمه بقبول المعار، وليس له الرجوع فيه قبل انتفاع المستعير، فإن وقّت له مدة لزمه تركه إلى انقضائها، وإن لم يوقّت وأطلق له لزمه ترك مدة ينتفع في مثلها، وقال أبو حنيفة والشافعي له أن يرجع في الموضعين؛ ودليلنا قوله عز وجل:(يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة)، ولأن المعير قد ملكه الانتفاع مدة معلومة، وصارت العين في يده بعقد مباح، فلم يكن له الرجوع فيها بغير اختيار المملك كالعبد الموصى بخدمته والعمرى.
[١٠٦٣] مسألة: إذا غرس المستعير وبنى، ثم انقضت المدة المؤقتة أو مدة ينتفع في مثلها، فالمالك بالخيار إن شاء أخذ المستعير بقلع غرسه وبنائه، وإن شاء أعطاه قيمته مقلوعا إذا كان مما له قيمة بعد القلع، وسواء شرط ذلك في العقد أم لم يشترط، وقال الشافعي إن لم يشترط فليس له مطالبته به؛ فدليلنا أنه رد العارية مشغولة بملكه، فوجب أن يؤخذ بإزالته عنه، أصله إذا رد الدار وفيها متاع، ولأن ما هو من موجب الشيء لا يحتاج إلى شرط، ومن موجب العارية أن يرد العارية فارغة ليتمكن المالك من الانتفاع، ولأن ذلك من معنى تبقية بعض العارية في يده، لأن موضع الغراس لا يمكن للمالك أن يستنفع به، ولا أن يغرس فيه شيئا، ولا أن يزرع، ولا أن يبني، فصار كمن استعار متاعا ثم رد بعضه وبقي البغض في يده فيلزمه رده.
[١٠٦٤] مسألة: إذا استعار دابة من رجل ثم ردها إلى اصطبله ولم يدفعها إليه أو إلى من يجري مجراه من وكيل مفوض إليه لم يسقط عنه الضمان، وقال محمد غبن الحسن يسقط عنه الضمان استحسانا، فدليلنا أن الضمان يسقط بالرد إلى يد صاحب العارية أو من يده كيده، وردها إلى اصطبله لا يجري مجرى ردها إلى يده فكان كما لو أسلمها إلى أجنبي.