أن يعلفها أو يرفعها إلى الحاكم فيتداين على صاحبها في علف، أو يبيعها عليه إن كان قد غاب، فإن تركها ولم يعلفها فتلفت ضمن، وقال أبو حنيفة لا يلزمه علفها؛ فدليلنا أن المودع مأمور بحفظ الوديعة وذلك يتضمن حراستها فيما يعلفها، فكان ذلك عليه، ألا ترى أنه لو آرها في بئر للزمه ردها عن ذلك الموضع، وفي ترك علفها تلفها فكان ذلك ممنوعا منه.
[١٠٧١] مسألة: إذا أمره صاحب الوديعة بدفعها إلى رجل، فدفعها إليه بغير بينة، ضمن إن جحد المدفوع إليه ولم يقبل في قوله بالدفع، خلافا لما يحكى عن أبي حنيفة والشافعي أنه يقبل قول المودع؛ لأن المالك لم يأمره بإتلافها عليه، وفي دفعها إلى من أمر بدفعها إليه بغير بينة إتلافها على المالك، لأنه قد يجحد فلا يمكن المالك أن يقيم عليه بينة، فلا يقبل قول الدافع، لأنه ليس بأمين للمدفوع إليه، والأمين إنما يقبل قوله فيما بينه وبين من ائتمنه فكان مفرطا بذلك، فلزمه الضمان بتعديه، ولأنه أمين دفع ما ائتمن عليه إلى من ائتمنه بغير بينة، فضمن مع الجحود كالوصي إذا دفع مال الأيتام إليهم بغير بينة فجحدوا، أنه يضمن لأنه ليس بأمين لهم، وإنما هو أمين لأبيهم أو الحاكم.
[١٠٧٢] مسألة: إذا أودعه وشرط الضمان لم يضمن، خلافا للعنبري؛ لأن جعل ما أصله أمانة لا يصير مضمونا بالشرط كالشركة والوكالات.
[١٠٧٣] مسألة: إذا سرقت الوديعة لم يكن للمودع أن يخاصم السارق إلا بتوكيل من المالك، هكذا يحكى على أصلنا، وقال أبو حنيفة له ذلك؛ فدليلنا أن الخصومة فيها للمالك، والمودع ليس بمالك ولا مفوض إليه، لأن الإيداع استحفاظ وائتمان، فلا يتضمن الخصومة.