وهو الهبة دون قصد المشاحة في البيع، ولأن ذلك كأنه فسخ للعقد الأول بالعوض الثاني؛ ودليلنا على أن الحط الكثير لا يجب حطه عن الشفيع أنه هبة فلم يسقط بها عن الشفيع فألزمه كما وهب له الثمن كله بلفظ الهبة، ولا يشبه اليسير لأن الباقي لا يخرج عن أن يكون ثمناً فيحمل الحط على أنه فسخ للعقد وبيع مستأنف.
[١١٠٩] مسألة: الشقص المبيع بالخيار لا تجب الشفعة فيه إلا بانبرام البيع، سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري، وقال أبو حنيفة والشافعي إن كان الخيار للبائع فلا شفعة، وإن كان للمشتري لزمت الشفعة؛ فدليلنا أنه عقد موقوف على الخيار، أصله إذا كان للبائع، ولأن العقد لا يتم ما دام الخيار باقياً، والشفعة إنما تجب بعد تمام البيع، ولأن أحكام العقد المتضمن للخيار لا تختلف بكونه للبائع أو للمشتري، بدليل أنه لا يستحق فيه النقد، ولا يمكن التصرف في أحدهما بغير الاختيار، وكذلك الشفعة.
[١١١٠] مسألة: إذا اشترى شقصا، فانهدمت الدار بسيل أو حريق أو بأمر من الله تعالى، أو هدّم هو، ثم جاء الشفيع فله أن يأخذها على ما هي عليه بجميع الثمن لا ينقص منه شيء، إلا أن يكون المبتاع باع شيئا من خشبها أو نقضها، فيقاصّ به، وقال أبو حنيفة إن انهدمت بأمر الله تعالى أخذها بجميع الثمن، وإن هدمها هو ضمن، وللشافعي قولان؛ فدليلنا أن المشتري تصرف بنفسه في ملكه والشفيع يأخذ منه على وجه الشراء أو التقديم عليه في الملك، فلم يكن له النقصان من الثمن مع بقاء الأعيان المعقود عليها، لأنه لم يختر بقائها على ملك غيره، اعتبارا بها إذا انهدمت بأمر من قبل الله عز وجل.