معاوضة محضة، فلم يكن لأحدهما فسخه بمعنى في العاقد كالبيع، ولأن كل منع لا يملك به المكري فسخ الإجارة لم يملك به المكتري، أصله غلاء الأجرة أو رخصها، ولأن الأصول موضوعة على أن كل ما كان لأحد المتعاقدين فسخه بوجه، كان للآخر أن يفسخ بمثل ذلك الوجه، كعقد الشركة والوكالة والقراض، وكذلك البيوع إذا وجد أحدهما بأحد العوضين عيبا كان له الفسخ، فكذلك في مسألتنا، ولأن عزم المكتري على السفر إذا اكترى دارا أو عزمه على المقام إذا اكترى جمالا للحج كان ذلك عذرا لا يتضمن نقصانا في المعقود عليه، ولا يمنع استيفاء المنافع فلا يملك به الفسخ، كالمكري إذا عزم على المقام وقد اكترى جمالا أو دارا.
[١١٤٣] مسألة: الأجرة في الإجارة لا يستحق تسليمها بمجر العقد، ولا تسليم العين المستأجرة، خلافا للشافعي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) وذلك حث على تعجيلها وقت استحقاقها، ومنع تأخيرها عنه، فلو كانت مستحقة بمجرد العقد لكان أمرا بتأخيرها، وذلك ينافي المقصود بالخبر، ولأنه عوض في عقد معاوضة محضة، فلم يلزم تسليمه بمجرد العقد دون تسليم المعقود عليه، كالأثمان بالبيوعات.
[١١٤٤] مسألة: لا تنفسخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين إذا لم يتعذر استيفاء المنافع، خلافا لأبي حنيفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(من ترك مالا أو حقا فلورثته) وهذه الإجارة متروكة للميت فيجب أن تكون لورثته، وهذا ينفي الفسخ، ولأنه عقد معاوضة فلم ينفسخ بموت أحد المتعاقدين إذا لم يعد بتلف المنفعة أو يتعذر استيفاؤها أصله البيع، ولأنه عقد تعلق بمنفعة تستوفى