الأجرة، خلافا لأبي حنيفة في قوله لا تستقر؛ لأنه قد وجد التمكين من استيفاء المنفعة المعقود عليها، فحل ذلك محل استيفائها في استقرار الأجرة، كما لو أخذ دابة وسلمها إليه فامتنع من ركوبها ومشى إلى الموضع وهو يقودها خلفه، فإن الأجرة تستقر عليه بلا خلاف، كذلك في مسألتنا.
[١١٥٣] مسألة: الكراء الفاسد إذا قبضت العين فعليه أجرة المثل سواء استعملها أو لم يستعملها، وقال أبو حنيفة إن لم يستعملها فلا أجرة عليه؛ ودليلنا أن كل ما لو تلف في يده من عقد صحيح كان من ضمانه، أصله الأعيان، ولأنها عين قبضت على وجه الإجارة فكان تلف المنفعة فيها مضمونا بالبدل، أصله الإجارة الصحيحة، ولأن تلف المنافع في العين المقبوضة على وجه الإجارة يوجب بدلها على من تلف في قبضه، أصله إذا استوفاها بنفسه.
[١١٥٤] مسألة: إذا استأجر رجلان حانوتا أحدهما قصارا والآخر حدادا ولم يمكن اجتماعهما فيه، فإن تراضيا بالمهاياة وإلا أكراه الحاكم عليهما، ولا يكون لأحدهما أن يقعد في موضع يضر بالآخر، ولا يجبران على المهاياة، وقال أبو حنيفة إما أن يقعد أحدهما في موضع والآخر في موضع آخر، أو يتهايياه؛ ودليلنا أنه لما لم يكن سبيل إلى استيفاء المنفعة في حال واحدة لم يكن لأحدهما أن يجبر الآخر أن ينفرد بالانتفاع، لأن ذلك يضر به فلم يبق إلا أن يؤاجر عليهما، لأن القصار يقول عملي متصل، ولا يمكنني تركه يوما، وعمله يوما، فلا يلزمني المهاياة، وهذه حجة صحيحة.
[١١٥٥] مسألة: تجوز الإجارة في القصاص في النفس وما دونها،