عقد معاوضة جعل العوض فيه أحد بدلين مختلفين لا يدري ما يستحق منهما فأشبه ما ذكرناه، ولأنه أحد العوضين في عقد الإجارة فلم يجز أن يأخذ شيئين مختلفين يختلف العوض فيهما، أصله إذا عقداه على أنه قد وجب عليه أن يخيط هذا القميص بدرهم، أو يبني هذا الحائط بدرهمين، فدليلنا على أبو حنيفة أنه أحد البدلين المشروطين في عقد الإجارة، فوجب أن يكون فاسدا يجب به أخذ المثل كالبدل في الشرط الثاني.
[١١٥٨] مسألة: إذا ركبه أو اغتل في الإجارة الفاسدة فعليه أجرة المثل، وقال أبو حنيفة عليه الأقل من المسمى وأجرة المثل؛ فدليلنا أن المنافع أحد نوعي المعاوضات كالأعيان، وقد ثبت أنه لو ابتاع بيعا فاسدا فأتلفه، أن عليه قيمته كذلك الإجارة، ولأنها منفعة استوفيت بعقد فاسد مقصود بالمعاوضة، فوجب أن يلزم أجرة المثل كما لو كانت أقل من المسمى.
[١١٥٩] مسألة: إذا اكترى دابة بعينها أو في الذمة بدينار، وشرط النقد جاز أن يعطيه الدينار دراهم، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف لا يجوز ذلك؛ ودليلنا أن الأجرة واجبة بالعقد وإنما لا يستحق بدلها إلا بالشرط، فإذا وجد الشرط صار الأداء مستحقا فيكون كأنه أعطى دراهم عن دنانير مستحقة عليه في الحال، فجاز كما لو كان له على رجل دينار حال فأعطاه به دراهم لجاز.
[١١٦٠] مسألة: إذا أبرأ المؤاجر المستأجر من الأجرة أو وهبها له أو تصدق بها عليه قبل قبضها جاز ولم تبطل الإجارة، سواء كان في دابة معينة أو في الذمة، كانت الأجرة معينة أو في الذمة، وقال أبو يوسف الإجارة ثابتة والهبة باطلة؛ فدليلنا أنه عقد معاوضة لا يدخل في تأخير القبض فيه الربا فجاز الإبراء من العوض فيه قبل قبضها كالبيع.